الخَبَرُ في شِعْرِ العِتابِ عندَ أَبي نواس - دراسةٌ نحويَّةٌ تركيبيَّةٌ دلاليَّةٌ

 عماد حميد عبد الله عبيد

الخَبَرُ في شِعْرِ العِتابِ عندَ أَبي نواس - دراسةٌ نحويَّةٌ تركيبيَّةٌ دلاليَّةٌ -
The Adverb in the poetry of admonition according to Abu Nawas - syntactic semantic study
م.م.عماد حميد عبد الله
Emad Hamid Abdullah
المديرية العامة لتربية بغداد/ الرصافة الأولى
The General Directorate of Education in Baghdad - Al-Rusafa First
الكلمات المفتاحيَّة:
(الخبر، التركيب النحوي، الدلالة)
key words:
)adverb، grammatical structure، semantics(

ملخص البحث:
هذه الدراسة من الدراسات التطبيقيَّة النَّحويَّة التَّركيبيَّة الدلاليَّة في أحد الأغراض الشعريَّة للشاعر العباسي أبي نواس وهو العتاب، فهي تمزج بين النَّحو والدلالة بأنواعها المعجميَّة والسياقيّة والبلاغيَّة، ولمْ تُسبقْ هذه الدراسة بأيِّ دراسة تحمل عنواناً عن العتاب عند أبي نواس، لا في كتب الأدب، ولا في دراسة مستقلَّة، وتُحاول هذه الدراسة بيان العلاقات الإسناديَّة في الجمل الاسميَّة والفعليَّة، ثُمّ تعرِّج على تحليل هذه العلاقات وتحليل المفردات اللغويَّة، وبيان مكامن الإجادة في توظيف اللغة ودلالاتها خدمةً لغرض العتاب.
Abstract:
This study is one of the applied studies of syntactic semantic grammar in one of the poetic purposes of the Abbasid poet Abu Nawas، which is admonition. An independent study، and this study attempts to show the predicate relationships in the nominal and verbal sentences، then turns to the analysis of these relationships and the analysis of linguistic vocabulary، and to show the potential for proficiency in the use of language and its connotations in order to serve the purpose of admonition.

المقدمة
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على النّبيّ الأمين مُحَمَّد بن عبد الله، وعلى آلهِ الطيِّبينَ الطَّاهِرِين، وأصحابهِ الغر الميامين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدِّين.
أمّا بعدُ،
فيُمثِّلُ شعرُ أبي نوَّاس موروثاً ضخماً ومهمّاً من موروثنا الأدبيِّ العربيِّ القديم، وقد قامت حوله وحول شعرهِ كثيرٌ من الدراسات الأدبيَّة واللغويَّة، لكنَّني لَمْ أجدْ أحداً ممَّنْ كتب في الأدب العباسيّ أو تاريخ الأدب العباسيّ قد أشار إلى أهمّيَّة شعره في العتاب، ولم أجد أحداً من المُحدَثين أو المعاصرين قد تناوله بأيِّ نوعٍ من الدّراسة؛ وقد يرجع ذلك إلى اشتهاره بأغراضٍ أخرى كالغزل والخمريات؛ ولذلك فقد عزمتُ على دراسة شِعرهِ في العتاب.
وهذا الغرض أو الفنّ الشِّعريِّ عند أبي نوَّاس كان من أقلِّ الفنون شعراً عنده، لكنَّه امتاز بجودة الصِّياغة وجزالة اللغة وحُسن التركيب اللغوي، والدقة في اختيار اللفظة؛ ولذلك فقد جاءت دراستي بعنوان: (الخَبَرُ في شِعرِ العتاب عند أبي نوَّاس
دراسةٌ نحويَّةٌ تركيبيَّةٌ دلاليَّةٌ)، تناولتُ فيهِ الجملة التي سمَّاها أهل اللغة والبلاغيّون (الخبريَّة)، وهي قَسيْمة الجملة الإنشائيَّة.
وقد لاحظتُ اختلافاً في كميَّة الأبيات بين نسخة الديوان برواية الصولي التي حققها الدكتور بهجت عبد الغفور الحديثي، والنسخة التي حققها أحمد عبد المجيد الغزالي؛ ولكي لا أُضيِّعُ شيئاً منها اعتمدتُ نسخة الصولي أصلاً، وأشرتُ إليها في الهامش، كما اعتمدتُ نسخة الغزالي لِما زادَ من أبيات.
وقد تضمَّنت هذه الدراسة تمهيداً ومبحثين، كان عنوان التمهيد: (مفهومِ الخبر)، أمَّا المبحثان، فهما: المبحثُ الأوَّل: صُورةُ الجُملةِ الخبريَّة الفعليَّة وتركيبُها، أما المبحثُ الثَّاني فخصصته لصُورةُ الجُملةِ الخبريَّة الاسميَّة وتركيبُها. ولمْ أتناول في الجملة الخبريَّة الفعلية ما يبدأ منها بفعل الأمر؛ لأنَّه داخل في الإنشاء الطَّلبيّ، وليس داخلاً في الخبر.
وكانت طريقتي في دراسة الموضوع من الناحية التطبيقيَّة أنَّني أذكرُ البيتَ ثمَّ أذكرُ تركيبهُ النَّحويّ، ثمّ أتناول الإسناد، ثمَّ أتناول الدلالة اللغويَّة التي تنطلق وتُبنى على الدلالة المعجميَّة، وتأخذُ منها محوراً تدور حوله المعاني الثانويَّة.
التمهيد: مفهومِ الخبر
الخبرُ باعتبارهِ مُصطلحاً بلاغيّاً يختلف عن كونه مُصطلحاً نحويّاً لُغويًّا، وقد وقف علماءُ اللغة الأوائل عند تعريفه ومدلولاته بحسب السياق، واختلفوا في تعريفه، وكان منهم المُبرِّد (ت:285ه) الذي عرَّفهُ بقوله: "والخبر ما جاز على قائله التَّصديق والتكذيب"( )، وهذا التعريف هو الذي استقرَّ عليه علماء اللغة والبلاغة، حتى قال القزويني : " اختلفَ الناسُ في انحصارِ الخبرِ في الصادق والكاذب، فذهب الجمهور إلى أَنَّهُ مُنحصرٌ فيهما، ثم اختلفوا، فقال أكثرُهم: صِدقُهُ مطابقة حكمَهُ الواقعَ، وكَذِبه عدم مطابقته حكمه له، وهذا هو المشهور وعليه التعويل"(( )).
والخلاصةُ أنَّ الخبرَ كلُّ كلامٍ يَصِحُّ وصفهُ بالصدق أو الكذب لذاته بمطابقتِه الواقع( )، وهذا المفهوم يصدُقُ على كُلِّ كلامٍ يُؤخَذُ من غَيْرِ النَّظَرِ إلى قَائِله، وتَخْرُجُ منه الأَخبارُ المَقطوعة بصدقها التي لا تحتملُ الكذبَ، كالقرآن الكريم، والأحاديثِ الصَّحيحة عن سيِّدنا رسول الله ، والحقائقِ العلمية –لا النظريَّات-، والبديهياتِ التي لا يُشكُ فيها، أمَّا سائر الأخبار فتكون قابلة لإصدار الحكم عليها بالصدق أو الكذب؛ لأَنَّهُ يُنظَر إلى ذاتِ الكلامِ، لا إلى ذاتِ قائلهِ( ).
وبناءً على ذلك فإنَّ الجملة الخبريَّة تشتمل على نوعين، أحدهما الجملة الإسميَّة، والآخر الجملة الفعليَّة، والنحاةُ الأوائل كانوا ينظرون إلى الإسناد، فالجملة العربية عندهم تتألف من ركنين أساسيين، هما المسند، والمسند إليه، فالمسند إليه هو المُتَحدَّث عنه ولا يكون إلا اسماً، والمسند هو المتحدث به ويكون فعلا أو اسماً، وهذان الركنان هما عمدة الكلام، وهما ما لا يَغْنَى واحدٌ منهما عن الآخر وما عداهما فضلة بالمعنى العام( ).
وقد ظهر تأليف الجملة العربية بصورتين تبعًا للمسند: فعل مع اسم، واسم مع اسم، وبالتعبير الاصطلاحي فعل وفاعل أو نائبه، ومبتدأ وخبر نحو: أقبل سعيد، وسعيد مقبل، وكل التعبيرات الأخرى إنَّما هي صورٌ أخرى لهذين الأصلين، والصورة الأساسية للجمل التي مسندها فعل، أنْ يَتَقَدَّمَ الفعل على المسند إليه كما في جملة " أقبل سعيد " ولا يتقدم الفاعل على الفعل أو بتعبير أدق، لا يتقدم المسند إليه على الفعل إلا لغرض يقتضيه المقام، والصورة الأساسية للجمل التي مسندها اسم، أن يتقدم المسند إليه على المسند، أو بتعبير آخر، أنْ يَتَقَدَّمَ المبتدأ على الخبر، ولا يقدم الخبر إلا لسببٍ يقتضيه المقامُ، أو طبيعة الكلام( ).
المبحثُ الأوَّل: صُورةُ الجُملةِ الخبريَّة الفعليَّة وتركيبُها
الجُملةُ الفعليَّة: هي ما كان الجزءُ الأوَّلُ منها فعلاً( )، وتوجيه الخطاب بالجملة الفعلية يراد به الإخبارُ بمطلق العملِ، مقروناً بالزمان، من غير أن يكون هناك مبالغةٌ وتوكيد( ).
1-الجُملةُ الفعليَّة المُصدَّرة بالفعل الماضي: لقد كانت السيادة للجملة الفعليَّة واضحةً جدًّا في شعر العتاب عند أبي نواس، فمنها الجملة الفعليَّة المُصدَّرة بالفعل الماضي، ومنها قوله:
وماتَ مرحبُ لمَّا رأيتَ ماليَ قَلَّا( )
حيث استعمل هنا الفعل اللازم (مات)، في صدر البيت، وهو استعارةٌ في الفعل استعارة تبعيَّة، وهي على التشخيص، حيث صوَّر التَّرحيب بكلمة (مرحبا) في صورة إنسانٍ، وهذا الإنسانُ قد مات بسبب قلَّة مال أبي نواس، ونلحظُ أيضاً أنَّه رفعَ (مرحب)، مع أنَّهُ ملازمٌ للنَّصب؛ فإنَّ من العرب مَنْ يرفعه على تقدير خبر محذوف، أي: لك عندي مرحب( )، وإنَّما اختار الموتَ؛ لأنَّ الميتَ يستحيل إعادته إلى الحياة، والموتُ غير قابل للتَّفاوت؛ لأنَّ له صورة واحدة( )، وهذا التعبير غايةٌ في التعبير عن العتاب الناتج عن الأسى. ومن الماضي الثلاثي المجرَّد اللازم قوله:
سَكَتُّ للدَّهر وأحداثهِ حتى خرا النَّاسُ على راسي( )
فقد استعمل في صدر البيت الفعل اللازم مسنداً إلى تاء الفاعل، وهو فعل لازم، وفي العجز الفعل (خرا)، وهو لازمٌ أيضاً، ونحنُ لا نرتضي إيراد هذا الفعل بهذه المادة اللغويَّة، فقد كان يمكن أنْ يُكنِّي عنه كناية مهذبة لطيفة إذا اضطرَّ إلى هذا التعبير، فقد أفسدَ ما في صدر البيت من جمال، بما احتواه من مجاز مرسل علاقته الزَّمانية( )، فقد أراد أهل الزَّمان، ولكنَّه حين وجَّه سكوته للزمان كأنَّه جعل الدهر بكلّ ما يحتويه من أحداث ومصائب وابتلاءات وبشرٍ يؤذون، وأصدقاء لا يَفون، قد توجَّهَ إليه بضرباتٍ موجعة، وكلماتٍ مؤلمة، فأطال الصَّمتَ، وكانت نتيجة ذلك أنْ آذاه بأبشع صنوف الأذى التي عبَّرَ عنها بما في العجز من فعلٍ لَمْ نرتضيه.
ومنه استعماله الفعل الماضي المتعدي بالحرف (عدا)، قال:
إنِّيْ عجبتُ وفي الأيَّامِ مُعتبـــــــــــرٌ والدَّهرُ يأتي بألوان الأعاجيبِ
مِنْ صاحبٍ كان دُنيائي وآخرتي عَدا عَليَّ جهاراً عَدوةَ الذِّيبِ( )
حيث نلحظُ في عجز البيت الثاني الفعل الماضي (عدا)، وهو فعلٌ متُعدٍّ، يتعدَّى بالحرف (على)، أمَّا دلالته فقد قال ابن فارس: " الْعَيْنُ وَالدَّالُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَجَاوُزٍ فِي الشَّيْءِ وَتَقَدُّمٍ لِمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَيْهِ "( )، إذن هذا الفعل بمادته اللغويَّة يدلُّ التَّجاوز والاعتداء، ثمَّ نلحظ أنَّ الشَّاعر قد عزَّزَ دلالته بالحرف (على)، وهو يدلُّ في أصلهِ على الاستعلاء حسّاً ومعنى( )، فأضاف إلى معنى الاعتداء العلوّ، وكأنَّهُ حين يُعاتب صاحبه، يقول: إنَّه لم يكتفِ بالاعتداء بل كان اعتداؤه ممزوجاً بالاستعلاء والاستكبار.
وقد أردفَ الجملة بالحال، ثمّ جاء بوصفٍ آخر لذلك الاعتداء، أمَّا الحال فـ(جهاراً)، بمعنى إعلاناً على أعين الملأ( )، وأمَّا الوصف فقد شبَّه ذلك الاعتداء باعتداء الذيب، والذئب مشهورٌ بالحيلة والجرأة في الهجوم والغدر والخبث، قال الجاحظ: " وإذا دمي الإنسان وشمّ الذئب منه ريح الدّم فما أقلّ من ينجو منه؛ وإن كان أشدّ الناس بدنا وقلبا، وأتمّهم سلاحا، وأثقفهم ثقافة "( )، فذلك الصَّاحب بمجرد أن شعر بجرحٍ أصابَ إنساناً سارَعَ إلى قتلهِ والولوغ في دمه.
كما نلحظ في الجملة الوصفيَّة المتمِّمة للجملة الفعليَّة أنَّها بُنيتْ على التشبيه البليغ( )، فحذف أداة التشبيه يزيل الحواجز بين الطرفين ممَّا يجعلهما أقرب إلى بعضهما، ووجه الشبه كما رأينا "إذا حُذف ذهب الظن فيه كل مذهب، وفُتح باب التأويل"(( ))؛ وهو بذلك يُصوِّر لنا أنَّ عتابه صدر؛ لأنَّ صاحبه حين اعتدى كان اعتداؤه عين اعتداء الذيب بلا أدنى مفارقة. ومنها المُصدَّرة بالماضي المُتعدِّي بنفسه، كقوله:
ومُستبعدٍ إخوانه بثرائهِ لبستُ له كبراً أبرّ على الكبرِ( )
فالفعلُ (لبس) ثلاثيٌّ مجرَّد تعدى هنا إلى مفعولٍ واحدٍ، قال ابن فارس: " اللَّامُ وَالْبَاءُ وَالسِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى مُخَالَطَةٍ وَمُدَاخَلَةٍ. مِنْ ذَلِكَ لَبِسْتُ الثَّوْبَ أَلْبَسُهُ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَمِنْهُ تَتَفَرَّعُ الْفُرُوعُ "( )، ومفعوله (كبراً)، وَالْكِبْرُ: الْعَظَمَةُ والتَّكبُّر( )، فأبو نواس يُعاتبُ رجلاً ابتعد عن إخوانه لأنَّه نال المالَ والغنى، واللبس هنا ليس على الحقيقة، وإنَّما هو على المجاز على سبيل الاستعارة المكنيَّة( )، فكما أنَّ ذلك المهجوَّ المُعاتبَ قد استبعدَ إخوانه بسبب الثراء مع أنَّ المال زائل، فإنَّ أبا نواس قد تَعالى عليهِ حتى صار الكبرُ كالرداء المُماسّ أو المُمازج لجسده.
ونلحظ أنَّ أبا نواس قد عبَّر عن ابتعاد ذلك المُعاتَب بالاسم (مستبعد)، والاسم يدلّ على الثبوت والاستمرار بخلاف الفعل الدالّ على الحدوث في أصل الوضع( )، ولم يكتفِ بذلك بل اشتقَّه من الفعل المزيد بالهمزة والسين والتاء من صيغة استفعل فهي تكون بمعنى التكلف في الاستدعاء والطلب( )، بمعنى التماسهِ والسَّعي فيهِ والحرص على وقوعه(( ))، في حين عبَّر عن ردَّة فعله تجاه ذلك الاستكبار بالفعل الدال على الحدوث؛ ليؤكد أنَّ ذلك صدر عنه بسبب كثرة استبعاد ذلك الرجل. وقد يجمع بين ماضيين متعديين في بيت واحد، أحدهما بنفسه والآخر بالحرف، ومنه قوله معاتباً على البخل وسوء الرَّد:
يا عمرو ما للنَّاسِ قد كلفوا بــ(لا)، ونسوا (نعم) ( )
فالفعل الأوَّل (كلف) وقد أسندهُ إلى واو الجماعة وهو يتعدَّى بالحرف الباء، والثاني (نسي) وقد أسنده أيضاً إلى واو الجماعة ويتعدى بنفسه، قال ابن فارس: " الْكَافُ وَاللَّامُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِيلَاعٍ بِالشَّيْءِ وَتَعَلُّقٍ بِهِ "( )، فهو في عتابه لم يصوِّر النَّاس بالاعتياد على المنع فقط، ولكن أولعوا بذلك ولعاً شديداً، ومُحيت من أفكارهم فكرة الإعطاء، ولشدَّة تمسُّكهم بالأمرين أولعوا بكلمة (لا) حتى كأنَّهم لشدة بخلهم لا يقولون غيرها، ونسوا كلمة (نعم)، وهذا من الكناية عن صفةٍ هي البخل( ). ومنها الماضي الذي جاء للدعاء، قال أبو نواس معاتباً بعض أصحابه على بُخلهم:
لحاهمُ اللهُ من ودٍّ ومعرفةٍ إنَّ المياسيرَ منهم كالمفاليسِ( )
فالفعل (لحى) فعل ثلاثي ماضٍ معتلّ الآخر، وَأَصله من لحوت الْعودَ إذا قشَّرته( )، لحاه الله، أَي: قَشَّرَهُ، وقبّحهُ ولعنَهُ وأبعدَهُ ( )، والماضي يستعمل للدعاء تحقيقاً لوقوعه، وجاء في العجز بالجملة التعليلية للدعاء في الصدر، وهي أنَّ هؤلاء الرّفقة من كان منهم غنيّاً كمن كان مفلساً. ومن استعماله الماضي المُضعَّف قوله في عتاب صديق تركه عند غناه:
حتى إذا ما صار فيما اشتهى وعدَّهُ النَّاسُ مـــــــــــن النَّاسِ
قطَّعَ بالفطيس حبـــــــــــــــلَ الصَّفا منِّي ولمَّا يرضَ بالفاسِ( )
حيث نلحظ في أوَّل البيت الثاني الفعل (قَطَّعَ) الثلاثي المضعَّف المتعدِّي، وقد أسندها إلى الفطيس، وهو المطرقة العظيمة( )، والفعلُ قطَّعَ يدلُّ على المبالغة في التقطيع إلى أجزاء كثيرة.
ولو تأمَّلنا الشيءَ المُقطَّعَ وهو الحبل، لعلمنا بداهةً أنَّ السكين تكفي لقطعه، وليس بحاجةٍ إلى فأسٍ؛ لأنَّ الفأس يستعمل لتقطيع الأشجار، وفي ذلك دلالة جليَّة على شدَّة حرص ذلك الصديق على قطع كلِّ ماله صلةٌ به، فالحبلُ الذي استعارهُ أبو نواس للصِّلة إذا قُطع مرة واحدة إلى جزأين أمكنَ شدّ بعضه ببعض، ولكنَّه إن قُطِّع إلى أجزاء كثيرة فلن يمكن إعادته. وكما استعمل الفعل الماضي المبني للمعلوم، فقد استعمل الفعل الماضي المبني للمجهول، ومنه قوله:
أترى السَّماحــــةَ والنَّدى رُفعا كما رُفِعَ الكــــــــــــرمْ
مُسخَ الندى بُخــــــلاً فما أحدٌ يجودُ لذي عَدَمْ( )
حيث نلحظ هنا الأفعال: (رُفعا)، (رُفع) وهما في أصلهما متعديان لمفعولٍ واحدٍ، ثُمَّ الفعل (مُسخ)، وهو متعدٍّ إلى مفعولين، وكلٌّ منها ثلاثي، يُضَمُّ أوَّلُهُ ويُكسر ما قبل الآخر إذا بُني للمفعول( )، والتقدير في الأوّلين: رفعَ النَّاسُ الندى-بمعنى تركوه-، وأمَّا الثالث فأصلُهُ مَسَخَ الناسُ النَّدى بُخلاً، بمعنى صَيَّروه، و(صيَّرَ) متعدٍّ إلى اثنين( ). ودلالة حذف الفاعل في الأفعال الثلاثة إثباتُ حصول الفعل، وليس نسبته إلى فاعلٍ مُعيَّن، والغاية الأخرى عدم تحديد الفاعل ليكون أعمّ، فلو قيل: رفع اللهُ الكرم، كان هذا الإسناد حقيقةً شرعيَّة على اعتبار أنَّ كلَّ شيءٍ بيد الله، ولكن ليس هذا المقصود، فمن النَّاس مَنْ كان كريما معطاءً فترك هذه الصفة وتخلَّى عنها بعد أنْ خلقها اللهُ فيهِ فهنا هو الفاعل، ومنهم مَنْ كان حبّ جمع الأموال هو الذي منعه من العطاء فصار الحرصُ هو الفاعل، ومنهم من كان التكبّر هو المانع احتقاراً للفقير، فصار هو الفاعل، فحذف أبو نوس الفاعل ليُحسب أو يُقدَّر لكلِّ إنسان ما يناسب حاله أو يليق به. ويُقال في المسخ ما يُقال في الفعلين، إلَّا أنَّ المسخ تضيق به الدائرة؛ لأنَّ الله حين خلق الكرم لم يمسخه أبداً، وإنَّما مسخه الناسُ من نفوسهم بأفعالهم.
2- الجُملة المُصدَّرة بالفعل المضارع: ومنها قوله مُعاتباً جُلَّ أصحابهِ على البخل:
أُريدُ قطعةَ قرطاسٍ فتعجزني وجُلُّ صَحْبِيَ أصحابُ القراطيسِ( )
ففي العجز ورد الفعلان (أُريدُ)، و(تُعجزُ)، وكلاهما فعلٌ تامٌّ مضارعٌ صحيحُ الآخر مُثبتٌ مرفوعٌ متعدٍّ إلى مفعولٍ واحدٍ، والفرق بين المشيئة والإرادة أَنَّ الْإِرَادَة تكون لما يتراخى وقته وَلما لا يتراخى والمشيئة لما لم يتراخ( )، ويترتب على ذلك أنَّه أراد القول: حين تكون بي حاجة إلى شيءٍ سواءً أكانت حاجة مستعجلة أم غير مستعجلة أجدُ نفسي عاجزاً، مع أنَّ أصحابي هم أصحاب القراطيس.
ولو تأمَّلنا الفعلين (أُريد)، و (تعجزني)، لوجدناهما لا يدلان على الحدوث فقط، وإنَّما على الحدوث التجددي( )، بمعنى أنَّ ذلك يحدث كلّ يومٍ بصورة تختلف عن اليوم الذي يسبقه، وأنَّه يتجدَّد، ويرافقه تجدُّد عجزه عن تحصيل ذلك، والمُضارَعَة في الفعلين توحي أيضاً بالآنيَّة، على معنى أنَّني في الوقت الذي أحتاج إليهم فيه أجد نفسي عاجزاً، وكلٌّ منهم ينظر دون أنْ يُحرِّكَ ساكناً. وقريبٌ منه قوله:
أخلَّائي أذمُّكُمُ إليكمْ وكنتُ بمدحكم قَمناً خليقاً( )
فالفعل (أذمُّ) مضارع مرفوع صحيح الآخر متعدٍّ إلى مفعولٍ واحدٍ، قال ابن فارس: " الذَّالُ وَالْمِيمُ فِي الْمُضَاعَفِ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ كُلُّهُ عَلَى خِلَافِ الْحَمْدِ. يُقَالُ ذَمَمْتُ فُلَانًا أَذُمُّهُ، فَهُوَ ذَمِيمٌ وَمَذْمُومٌ، إِذَا كَانَ غَيْرَ حَمِيدٍ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الذَّمَّةُ، وَهِيَ الْبِئْرُ الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ "( )، ونلحظُ نغمة العتاب هنا واضحةً جدّاً؛ لأنَّ الشاعر يقول للمُعاتَبين أنا أذمُّكم عندكم، لا عندَ غيركم، وهذا من الحفاظ على المودَّة؛ حتى لا تنقطع حبالَها إلى الأبد.
وقال معاتباً مَنْ يتباعد عنه وقت الضِّيق، ويدنو وقت الرَّخاء:
تلقاهُ في الشَّرِّ ينأى وفي الغِنى يتدلَّى( )
فنلحظُ في هذا البيت ثلاثة أفعال، اثنان في الصَّدر، والثالث في العجز، فالفعل (تَلقى) مضارع مُعتلّ الآخر متعدٍّ إلى مفعولٍ واحدٍ هو الضَّمير (الهاء)، ويجوز أنْ يكون متعدياً إلى اثنين فيكون تقدير جُملة (ينأى) نائياً، فيكون الأصل: تلقى فلاناً نائياً. والفعل المضارع الثاني (ينأى) وهو فعل مضارع لازمٌ معتلّ الآخر، وأمَّا الفعل الثالث فهو (يتدلَّى)، وهو أيضاً فعل مضارع لازمٌ معتلّ الآخر، وأبو نواس في هذا البيت يعرض لنا صورتين متناقضتين للإنسان نفسه، إحداهما في الصدر والأخرى في العجز، هاتان الصورتان مادَّتهما اللغويَّة الأفعال، والأفعال المُضارعة هنا تملأ هذه الصورة بالحركة والحيويَّة، وهي صورةٌ أقربُ إلى الاستعارة التمثيليَّة، حين يجعل الشاعر ذلك الصَّاحب يتباعد، باستعمال مادة النأي، النأي يكون لما ذهب عَنْك إِلَى حَيْثُ بلغ وَأدنى ذَلِك يُقَال لَهُ نأي، بخلاف البعد الذي يدل على بلوغهِ المكان السحيق( )، فالشاعر أراد تصوير ذلك الشخص بالابتعاد عند حصول الفقر ابتعاداً لا يجعله في مكانٍ بعيد حتى يستطيع الرجوع إلى أبي نواس عندما يجد عنده الخير والمال والسّعة، أمَّا إذا كان الغنى حاصلاً فقد صوَّرهُ بصورةٍ موحيةٍ جدّاً بالفعل (يتدلَّى) ومعناه الزيادة في القرب( )، ولكنَّه هنا يوحي بالحركة البطيئة لمن يأتي بهدوء مُتملِّقاً، وأصل التَّدلِّي النزول من علوٍّ( )، وقال الكفوي: " والتدلي: تكلّف الْقرب، وتطلبه فَيكون قبل الْقرب، أَو بِمَعْنى التَّعَلُّق فِي الْهَوَاء بعد الدنو، أَو بِمَعْنى التدلل أَي التلطف "( ).
ومن المضارع المعتلّ الآخر الفعل (أرى) المُسند إلى المتكلِّم، فقد تكرَّر توظيفه للدلالة على العتاب، قال:
أرى الإخوان في هجرٍ أقاموا وخان الخلُّ وافتُقد الذِّمامُ( )
وهو هنا متعدٍّ إلى مفعولين، فالإخوان مفعولٌ أوَّل، وما بعده مؤوَّل بـ(هاجرين)، والتقدير: أرى الإخوان هاجرين، و(أرى) هنا قلبيَّة، غير أنَّ الشاعر أشعرَنا بأنَّها بصريَّة، ألا ترى أنَّه قال: (في هجرٍ أقاموا)، فاستعمل (في) الدَّالَّة على الْوِعَاء والظَّرْفِيَّة، وهي دلالةُ الأصل فيه، ولا يثبت البصريون غيره، وتكون للظرفية حقيقة، ومجازاً ( )، وهي هنا مجازاً أريدَ بها تصوير هؤلاء القوم وقد اتَّخذوا الهجر كالوطن واتَّخذوه دار إقامة فلا يخرجون منه. ومن استعمال (أرى) أيضاً قوله:
قُولا لإخواني أرى ودَّكم أودتْ به عقاربٌ تسري( )
فالفعل (أرى) متعدِّ إلى مفعولين، أحدهما الودّ، والآخر يُمكننا تأويله بــ(ميتا)، وكأنَّ المعنى: أرى الودادَ ميتاً، ويبدو لي ملحظٌ دلاليٌّ خفيٌّ وراء (أرى)، فالشاعر في مقام العتاب، والمُعاتِب غالباً لا يريد قطع الأواصر مع مَن يُعاتبه، فكأنَّهُ يقول لهم بلغة اليوم: هذا رأيي فماذا أنتم قائلون؟، أو كأنَّه يقول: هذا الذي أراهُ بعينيَّ، فأثبتوا لي خِلافَهُ. غير أنَّنا لا ننفي استعماله (أرى) للدلالة على الرؤية اليقينيَّة التي لا تقبل الشَّكَّ أو الريب بحسب السياق، ومنها قوله في إحدى معاتباته مُعتزّاً بنفسه:
وقد زادني تِيهاً على النَّاس أنَّني أرانيَ أغناهم وإنْ كنتُ ذا فقرِ( )
فـ(أراني) هنا متعدٍّ إلى مفعولين، أحدهما الضمير المتصل (الياء) ضميرُ المُتكلّم، والآخر (أغناهم)؛ لأنَّ (أراني) هذه لا يجوزُ أنْ يُقتصر بها على مفعولٍ واحدٍ( )، غير أنَّ أرى هنا تدلُّ على اليقين الذي لا يمكن تأويله بحالٍ من الأحوال –كما في البيت السابق-؛ لأنَّ الشاعر هنا في سياق مدح عزَّة نفسهِ. ومن المضارع قوله:
يَامَنْ جفاني وَمَلَّا نسيتَ أهلاً وسهلا
إنِّي أظنُّكَ تحكــي بما فعلتَ القِرلَّى( )
حيث نلحظ أنَّه استعمل فعل الظَّنِّ (أَظُنُّ) مضارعاً، وهو من الأفعال المتعدية إلى مفعولين( )، ومفعوله الأول هنا ضمير المخاطب (الكاف)، والمفعول الثاني جملة (تحكي) وما بعدها، التي يُمكن تأويلها: حاكياً، والقرلَّى طائرٌ يوجد بأطراف الأنهار، يغطس في الماء ويصطاد السمك، فيتقوَّت منه، وكيفية صيده أنَّه يغوص في الماء منكوساً بقوة شديدة، ويمكث تحت الماء، إلى أن يرى شيئاً من السمك فيأخذه، ويصعد به، فهو طائر صغير الجرم، حديد البصر، سريع الاختطاف، لا يرى إلا فرقاً على وجه الماء على جانب كطيران الحدأة، يهوي بإحدى عينيه إلى قعر الماء طمعاً، ويرفع الأخرى إلى الهواء حذراً، فإن أبصر في الماء ما يستقل بحمله من السمك أو غيره، انقضَّ عليه كالسَّهم المُرسل، فأخرجه من قعر الماء، وإن أبصرَ في الهواء جارحاً مرَّ في الأرض ( ). وهو ممَّا يضرب فيه المثل بالخطفِ والطَّمَع حتى أنَّه لا يترك موضع طعامٍ إلى وثب إليه( )، وعليهِ فأبو نواس أراد تشبيه ذلك الصديق الطَّماع بهذا الطَّائر، وأرى أنَّهُ استعملَ الظَّنَّ هنا على المعنيين، الشَّكّ واليقين، فإن قيل: كيف يجتمعان؟. قلتُ: الشَّكُّ هو ما يُريد أنْ يوحي بهِ إلى السَّامع المُعاتَب؛ لعله يرتدع، واليقين في نفس الشَّاعر؛ لِما رأى من أفعالٍ أوصلته إلى هذا اليقين. ومنه المضارع المنفي، ومنه قوله:
فلا واللهِ أذخرُكم هجاءً وشتماً ما بقيتُ ولا عُقوقا( )
والتقدير: فلا واللهِ لا أذخركم، فحذف النافي الثاني استغناء عنه بالأول، وهو كثيرٌ مع المضارع، ويسهله تقدم القَسم( )، والفعل (ذخرَ) متعدٍّ إلى مفعولٍ واحدٍ( )، ويجوز أن يكون متعدياً إلى اثنين كما هو هاهنا، فالمفعول الأول الضمير (كم)، والثاني(هجاءً)، فهو مثل: لا أذخره نصحي( )، قال ابن فارس: " الذَّالُ وَالْخَاءُ وَالرَّاءُ يَدُلُّ عَلَى إِحْرَازِ شَيْءٍ يَحْفَظُهُ، يُقَالُ: ذَخَرْتُ الشَّيْءَ أَذْخَرُهُ ذَخْرًا "( )، ودلول الفعل: أنِّي حين أرتك هجاءَكم فليس هذا شيءٌ نافعٌ أحتفظ به لنفسي لينفعني؛ لأنَّكم أهل للهجاء.
ولمْ نورد الجملة الفعليَّة المُصدَّرة بفعل الأمر؛ لأنَّ الأمر نوع من الإنشاء الطَّلبيّ، وهو قسيمُ الخبر.
المبحثُ الثَّاني: صُورةُ الجُملةِ الخبريَّة الاسميَّة وتركيبُها
الجملة الاسمية، ما كان الجزء الأوّل منها اسْمًا( )، وهي في أصل وضعها تدلّ غلى الدوام والثبات( )، والواضح أن الجملة الاسمية في اللغة العربية لا تشتمل على معنى الزمن، فهي جملة تصف المسند إليه بالمسند، ولا تشير إلى حدث ولا إلى زمن، فإذا أردنا أن نضيف عنصرًا زمنيًّا طارئًا إلى معنى هذه الجملة جئنا بالأدوات المنقولة عن الأفعال، وهي الأفعال الناسخة، فأدخلناها على الجملة الإسمية فيصبح وصف المسند إليه بالمسند منظورًا إليه من وجهة نظر زمنية معينة، فهذه النواسخ في دلالتها على الزمن تشبه ما أشرنا إليه من الأفعال المساعدة في اللغة الإنجليزية، ولكنها لا تشبهها فيما وراء ذلك( ).
وتنقسمُ الجملة الاسميّة بحسب ما يسبقها إلى جملٍ منسوخةٍ وجملٍ غير منسوخة، فأمَّا غير المنسوخة فهي الجملة التي لم تُسبق بأحد النواسخ، وتتنوّع هذه الجملة بحسب المعنى الذي تحتويه وتنقسم بذلك إلى مثبتة ومنفيّة ومؤكّدة.
- أوَّلاً: الجمل غير المنسوخة: فمن المُثبت منها قول أبي نواس يصف ردّ فِعْلهِ على فِعلةٍ فَعَلها صديقٌ له:
وصاحبٍ أخْلَفَ ظَنّي بهِ والخيرُ بالصّاحبِ مَظْنــــــــــــــــــــــــونُ
أنكرتُها منه فعاتبتُــــــــــــهُ والنُّصحُ في الإخوان مضمـــــونُ( )
حيث نلحظُ الجملة الاسميَّة في عجز البيت الأوَّل، وعجز البيت الثاني، ففي الأول: والخير في الأصحاب مظنونُ، الواو استئنافيَّة، والخيرُ مبتدأ مفرد، ومظنونُ خبره، وفي الثاني والنُّصحُ في الإخوان مضمونُ، أيضاً الواو استئنافيَّة، النُّصحُ مبتدأ، ومضمونُ خبره، وهو مفرد. وقد عَدَلَ عن الجملة الفعليَّة إلى الاسميَّة؛ ليشير إلينا أنَّ مضمون الجُملتين من المُسلَّمات، فكأنَّه قاعدة ثابتة راسخةٌ في النّفوس، فالظَّنُّ الحَسَن صفة دائمة الرسوخ في ذهن الصاحب لمن يصاحبه، وفائدة النصح للأخ مضمونة العاقبة. والبُعدُ الدلالي الثاني، وهو معنى المعنى، أو ما وراء النص، أراد الشاعر أنْ يكون عتابه مؤثراً، فكأنه قال للمُعاتَب ظنِّي فيكَ ثابت راسخ، ويقيني أنَّ نصيحتي فيك مضمونة الفائدة على الثبوت والاستمرار، فلماذا خذلتني؟!. ومنها أيضاً مع تقديم الخبر قوله:
عليك سلامُ الله دون لقائكم تمرُّ شهور دونهن شهورُ( )
فالمبتدأ شبه جملة مضافٌ ومضاف إليه، والخبر شبه جملة جار ومجرور، وتقدير الكلام: سلامُ اللهِ عليك، فقدَّمَ الجار والمجرور، مع أنَّهُ يجوز: سلامُ اللهِ عليك، ولكنَّه وظَّفَ التقديم لدلالةٍ مقصودة، فإنَّ هذه تُسمَّى تحيَّة الأموات؛ فقد كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا أَرَادَتْ تَحِيَّةَ الْمَيِّتِ قَدَّمَتِ اسْمَهُ أو الجار والمجرور الدالّ عليهِ عَلَى الدُّعَاءِ وَالتَّسْلِيمِ، وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْكَلامِ وَالشِّعْر،ِ وكانت إذَا أرادت تحيّة الحَيّ قدّمَتْ لفظَ السّلام( )؛ وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِأَنَّ المُسّلم عَلَى القَوم يتوقَّعُ الْجَوَابَ، وَأَنْ يُقال لَهُ عليكَ السلامُ، فَلَمَّا كَانَ الميتُ لَا يُتَوقع مِنْهُ جَوَابٌ جَعَلوا السلامَ عَلَيْهِ كَالْجَوَابِ( ). وأبو نواس يشير بذلك إلى معاملته ذلك المُعاتَب معاملة الميِّت، والميت لا عودةَ له إلى الحياة، ولا نفعَ ولا فائدة تُرجى منه أو تُنتَظَر. وقريبٌ منه في التركيب قوله:
عليكَ سَلامٌ لا لِودٍّ رَعيتَهُ فإنِّي لا أُغضيْ لِخلٍّ على غَدْرِ( )
- ثانياً: الجمل المنسوخة:
ومن الاسميَّة التي سُبقت بإحدى النواسخ قوله يعاتب نفسه لهاشم بن حديج الكندي المصري ويعتذر إليه من هجائه ويمت إليه باليمنية:
وإنَّ امرءاً عفَّى على مثل زلَّتي وإنْ جرحت فيه لجدُّ حليمُ( )
فالنَّاسخ للجملة الاسميَّة (إنَّ)، واسمها (امرءاً)، وخبرها (حليمُ)، فهي جملة منسوخة مؤكَّدة، ونكَّرَ فيها (امرءاً) للتعظيم، وعفَّى يدلّ على المبالغة في محو أثر الزَّلَّة حتى كأنَّه لم يبقِ لها أثراً( ). ومنه أيضاً قوله:
إنِّي نذيرُكَ أنْ تُصيِّرَ لي شُغلاً هجاؤكَ إنَّني خلوُ( )
فهذه الجملة الاسمية تقدَّمتها (إنَّ) النَّاسخة، واسمُها ضمير المتكلِّم (الياء)، و(نذيرك) خبرها، والقيمة الدلاليَّة لـ(إنَّ) هي التوكيد، والنَّذير صيغة مبالغة من الفاعل على وزن فعيل، ومعنى ذلك أن المبالغة تأتي من إفادة الأوزان تكرار معناها بحيث يصبح هذا المعنى للمتصف به عادة دائبة له تتكرر كثيرا، وهو يدلُّ على أنَّ الموصوفَ به كثيرُ الإنذار، وهو الذي لا يزال يُنذرُ كثيراً مرَّةً بعد مرَّة ( ). وجملة التعليل بعد إنَّ واسمها وخبرها تُكثِّف المعاني الدلاليَّة التي تضمَّنها البيت، فالتقدير: مِنْ أنْ تُصيِّرَ، والتَّصيير التَّحويل، ومدلولُهُ لا تجعلْ شُغليَ الشَّاغل هجاءَك؛ لأنَّني خالٍ من أيِّ عملٍ، وتفرُّغي التامّ لكَ سيجعلني أبلغُ الغاية في هجائك. وقد اجتمعت نواسخ عدَّة في أبيات في العتاب تُمثِّل صورة واحدة:
ألا ليتَ شعري هكذا أنتَ للناسِ فأصرفُ عنكَ القلبَ بالصَّبرِ واليـــاسِ
فقد كنتَ دهراً لا تراق بمعجــــــبٍ سِوايَ ولا تعدل به سائــــــــــــــــــر النَّاسِ
ولكنِّي لمَّا بدا منكَ ما بـــــــــــــــــدا وقست أموري عند ذاك بمقيــــــــــــــــــاسِ
إذاً ليس تُزري بي إليكَ مودَّتي ولكنَّما يُزري بودِّكَ إفْلاســــــــــــــــــــــــــــي( )
فنلحظ هنا من النواسخ الداخلة على الجملة الاسميَّة ثلاثاً، وهي بحسب الترتيب:
أ- ليت: في (ليت شعري)، أي: ليت عِلْمي، وليتني أشعُر بكذا وكذا( )، فاسم (ليت) بناءً على التقدير الأخير ضمير المتكلم الياء، أو يكون (شعري) اسمها، وخبرها الجملة (هكذا أنتَ للناسِ)، وإنْ كان هذا التركيب قد سار مسرى المثل.
ب- كان: في قوله: (كنت دهراً)، فـ(كان) فعل ماض ناقص، واسمها ضمير المُخاطَب، وجملة (لا تراق بمعجب سواي) خبرها.
ج- لكنَّ: واسمها ضمير المتكلِّم، وخبرها ما بعده.
د- لكنَّما: وقد اختلف أهل اللغة فيها، فمنهم من قال: (ما) هذه كافَّة، فتعزلها عن العمل، ويبتدأ بعدها الكلام، ومنهم من يجعل (ما) مزيدة، ويُعملها( )، وهي في الحالين باقية على معنى الاستدراك. أمَّا (ليس) فهي ليست عاملةً في مثل هذا الموضع؛ لدخولها على الجملة الفعلية، وإنَّما تفيد النفي فقط. وبهذا تكون الأبيات قد اشتملت على عدة دلالات، تذكير المُعاتَب بأنَّه كان من أقرب النَّاس إليه، وأنَّه كان لا يقيس به أحداً من الناس، ولكنَّ كلَّ ذلك (كان) حدث ومضت كينونته فيما مضى، ثمَّ يستدرك على أنَّه عاد إلى نفسه ففكَّر، فوجدَ أنَّ إفلاسه هو السبب في إزالة مودته من قلب صاحبه.
الخاتمة
• تنوَّعت الأفعال في الجمل الفعليَّة الخبريَّة، وقد كان الفعل الماضي هو الأكثر؛ وذلك ليؤكد أبو نواس أنَّهُ ما جنحَ إلى العتاب إلَّا بعد أنْ صدرت أفعال لا تليق بالصُّحبة، وتكرَّرت تلك ومضت من أصحابه، فجاء الماضي معبّراً عن زمن حدوثها؛ تعليلاً للعتاب الصَّادر منه.
• دلَّ الفعل المضارع على الحدوث التجدّدي، والمقصود به الحدوث المتجدد على التقصير والبخل من قبل المُعاتَبين، كما دلَّ على عزَّة نفسهِ وإبائه.
• وَظَّف أبو نواس الاسم للتأكيد على ثبوت واستمرار التقصير أو البخل أو الهجر من أصدقائهِ وخِلّانه، حتى جهلها دالَّة على صفةٍ ثابتةٍ فيهم لا تقترن بزمانٍ مُعيَّن، بل هي عابرة لكلِّ الأزمنة.
• وظَّفَ أبو نواس الفعل الثلاثي المُضعَّفَ المتعديّ للدلالة على مبالغة أصحابهِ في تركه وهجرانه في وقت مسيس حاجته إليهم، في حين وظَّفَ بناء الفعل للمجهول للدلالة على العموم، أو لمجرَّد إثبات حصول الفعل من الفاعل، بغضّ النظر عن تحديد الفاعل.
• غلبَ على الأسلوب اللغوي العتاب التركيب المجازي؛ لقصد التخييل، عن طريق إلباس الجمادات أو المعاني الذهنيَّة لباس الحيّ النَّاطق الفاعل المُتفاعل.
• استعمل أبو نواس الجملة الاسميَّة للدلالة على أنَّ المعاني التي يطرها من المُسلَّمات.
المصادر والمراجع
1-إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية (ت: 767 هـ)، تحقيق: د. محمد بن عوض بن محمد السهلي، ط1، أضواء السلف – الرياض، 1373 هـ - 1954 م.
2-أساليب بلاغية، الفصاحة - البلاغة – المعاني: د. أحمد مطلوب أحمد الناصري الصيادي الرفاعي، ط1، وكالة المطبوعات – الكويت، 1980 م.
3- أسرار العربية: عبد الرحمن بن أبي الوفاء محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد، ط1، تحقيق: د. فخر صالح قدارة، دار الجيل – بيروت، 1995م.
4-الاشتقاق: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت: 321هـ)، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، ط1، دار الجيل، بيروت، 1411هـ - 1991م.
5-الأمالي = شذور الأمالي = النوادر: أبو علي القالي، إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سلمان(ت: 356هـ)، تحقيق: محمد عبد الجواد الأصمعي، ط2، دار الكتب المصرية، 1344 هـ - 1926م.
6-أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: جمال الدين عبد الله بن يوسف أبو محمد ابن هشام (ت:761هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط1، دار الجيل، بيروت، 1399ه-1979م.
7-إيضاح شواهد الإيضاح: أبو علي الحسن بن عبد الله القيسي (ت: ق 6هـ)، دراسة وتحقيق: الدكتور محمد بن حمود الدعجاني، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1408 هـ - 1987 م.
8-الإيضاح في علوم البلاغة: جلال الدين محمد بن عبد الرحمن الخطيب القِزوِينِيُّ (ت:739ه)، تحقيق مجدي فتحي السيد، ط1، المكتبة التوفيقية، القاهرة، (د.ت).
9-البداية والنهاية: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي(ت:774هـ)، تحقيق: علي شيري، ط1، دار إحياء التراث العربي، 1408، هـ - 1988 م.
10-تاريخ الأدب العربي: الدكتور شوقي ضيف، ط1، دار المعارف – مصر، 1960 - 1995 م.
11-تاريخ الأدب العربي: مصطفى صادق الرافعي، دار المعارف، القاهرة.
12-تاريخ الأدب العربي القديم: حنا الفاخوري، ط2، المطبعة البولسية، 1953م.
13-تاريخ بغداد: أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البَغدَادِيُّ (ت:463هـ)، تحقيق بشار عواد معروف، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1422هـ-2001م.
14-تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر(ت:571هـ)، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1415 هـ - 1995 م.
15-التاريخ المعتبر في أنباء من غبر «وهو كتاب جامع لتاريخ الأنبياء وتاريخ الإسلام وتراجم أئمته العظام إلى مبتدأ القرن العاشر الهجري»: مجير الدين العليمي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن المقدسي الحنبلي(ت: 928هـ)، تحقيق ودراسة: لجنة مختصة من المحققين، إشراف: نور الدين طالب، ط1، دار النوادر، سوريا، 1431 هـ - 2011م.
16-تذكرة الأريب في تفسير الغريب (غريب القرآن الكريم): جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597هـ)، تحقيق: طارق فتحي السيد، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1425 هـ - 2004 م.
17-التعليقة على كتاب سيبويه: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ الأصل، أبو علي (ت: 377هـ)، تحقيق: د. عوض بن حمد القوزي (الأستاذ المشارك بكلية الآداب)، ط1، 1410هـ - 1990م.
18-التلخيص في علوم البلاغة: جلال الدين محمد بن عبد الرحمن الخطيبُ القِزوِينِيُّ (ت:739ه)، ضبطه وشرحه عبد الرحمن البرقوقي، ط1، دار الفكر العربي، مصر، 1321ه-1904م.
19-تهذيب اللغة: أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي (ت:370هـ)، تحقيق: محمد عوض مرعب، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2001م.
20-جمهرة اللغة: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد(ت:321هـ)، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، ط1، دار العلم للملايين، بيروت، 1987م.
21-الجنى الداني في حروف المعاني: أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ)، تحقيق: د. فخر الدين قباوة -الأستاذ محمد نديم فاضل، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413 هـ - 1992 م.
22-جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع: أحمد الهَاشِمِيُّ (ت:1362ه)، ط1، مؤسسة المعارف، مصر، 1428ه-2008م.
23-حروف المعاني والصفات: عبد الرحمن بن إسحاق البغدادي النهاوندي الزجاجي، أبو القاسم (ت: 337هـ)، تحقيق: د. علي توفيق الحمد، ط1، مؤسسة الرسالة – بيروت، 1984م.
24-حياة الحيوان الكبرى: كمال الدين محمد بن موسى بن عيسى الدميري(ت:808هـ)، تحقيق : أحمد حسن بسج، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت، 1424هـ - 2003 م.
25-الحيوان: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ(ت: 255هـ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط1، دار الجيل، بيروت، 1416هـ - 1996م.
26-خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: عبد القادر بن عمر البغدادي(ت: 1093هـ-1682م)، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، ط4، مكتبة الخانجي، القاهرة،1418هـ-1997م.
27-الخصائص: أبو الفتح عثمان بن جني (ت:392هـ)، تحقيق: محمد علي النجار، عالم الكتب – بيروت.
28-دلائل الإعجاز: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار(ت:471هـ- 1078م)، تحقيق: محمود محمد شاكر أبو فهر، ط3، مطبعة المدني بالقاهرة - دار المدني بجدة، 1413هـ-1992م.
29- ديوان أبي نواس برواية الصولي، تحقيق: د. بهجت عبد الغفور الحديثي، ط1، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، 1431هـ-1410م.
30-ديوان أبي نواس الحسن بن هانئ: تحقيق: أحمد عبد المجيد الغزالي، دار الكتاب العربي، بيروت.
31-ديوان المعاني: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (ت: نحو 395هـ)، دار الجيل – بيروت.
32-رسائل الثعالبي: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (ت: 429هـ)، دار المعرفة، بيروت.
33-شرح تسهيل الفوائد: محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (ت: 672هـ)، تحقيق: د. د. عبد الرحمن السيد، د. محمد بدوي المختون، ط1، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، 1410هـ - 1990م.
34-شرح ديوان الحماسة: أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (ت: 421 هـ)، تحقيق: غريد الشيخ، وضع فهارسه العامة: إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1424هـ - 2003م.
35-شرح ديوان الحماسة: يحيى بن علي بن محمد الشيبانيّ التبريزي، أبو زكريا (ت: 502هـ):كتب حواشيه: غريد الشيخ، وضع فهارسه العامة: أحمد شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1421هـ-2002م.
36-شرح الكافية الشافية: جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني، تحقيق: عبد المنعم أحمد هريدي، ط1، جامعة أم القرى مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية مكة المكرمة، 1402 هـ - 1982 م.
37-شرح المفصل: يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت: 643هـ)، قدم له: الدكتور إميل بديع يعقوب، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1422 هـ - 2001م.
38-شرح المكودي على الألفية في علمي النحو والصرف للإمام جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الأندلسي المالكي (ت: 672 هـ)، المؤلف: أبو زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي (المتوفى: 807 هـ)، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي (مدرس البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة)، ط1، المكتبة العصرية، بيروت، 1425 هـ - 2005م.
39-الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت: 395هـ)، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418هـ-1997م.
40-الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي(ت: 393هـ -1003م)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، ط4، دار العلم للملايين، بيروت، 1407 هـ- 1987م.
41-طبقات الشعراء: عبد الله بن محمد ابن المعتز العباسي (ت: 296هـ)، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، ط3، دار المعارف – القاهرة.
42-العتاب في الشعر العباسي: م.رائدة مهدي جابر، بحث منشور في مجلة كلية التربية الأساسية العدد 10/ جامعة بابل كانون ثاني/ 2013م.
43-علوم البلاغة «البيان، المعاني، البديع»: أحمد بن مصطفى المراغي (ت: 1371هـ)، دار المعارف، القاهرة.
44-العين: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفَرَاهِيدِيُّ البَصرِيُّ (ت:175هـ): تحقيق د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي، ط1، دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر، بيروت، (د.ت).
45-غريب الحديث: حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (ت: 388 هـ)، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، خرج أحاديثه: عبد القيوم عبد النبي، ط1، دار الفكر – دمشق، 1402 هـ - 1982م.
46- الفروق اللغوية: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري، تحقيق: الشيخ بيت الله بيات، ومؤسسة النشر الإسلامي، ط1،مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بـقم، 1412هـ.
47-فقه اللغة وسر العربية: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (ت: 429هـ)، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، ط1، إحياء التراث العربي، 1422هـ - 2002م.
48-الكامل في التاريخ: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (ت: 630هـ)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ط1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1417هـ / 1997م.
49-الكامل في اللغة والأدب: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (ت: 285هـ)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، ط3، دار الفكر العربي – القاهرة، 1417 هـ - 1997 م.
50-الكتاب: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (ت:180هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط3، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1408 هـ - 1988 م.
51-كتاب الأفعال: علي بن جعفر بن علي السعدي، أبو القاسم، المعروف بابن القَطَّاع الصقلي (ت: 515هـ)، ط1، عالم الكتب، بيروت، 1403هـ -1983م.
52-الكَشَّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد الزَّمَخْشَرِيُّ (ت:538ه)، تحقيق عبد الرزاق المهدي، ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت (د.ت).
53-الكليات (معجم في المصطلحات والفروق اللغوية) : أبو البقاء أيوب ابن موسى الحسيني القريمي الكفوي الحنفي(ت:1094هـ- 1683م)، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، بلات.
54-اللباب في علل البناء والإعراب: أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي محب الدين (ت: 616هـ)، تحقيق: د. د. عبد الإله النبهان، ط1، دار الفكر – دمشق، 1416هـ 1995م.
55-اللغة العربية معناها ومبناها: د. تمام حسان عمر، ط15، عالم الكتب، بيروت، 1427هـ-2006م.
56-اللمع في العربية: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ)، تحقيق: د. فائز فارس، دار الكتب الثقافية – الكويت.
57-مختصر المعاني: أبو سعيد مسعود بن عمر بن محمد بن أبي بكر بن الغازي التَّفتَازَانِيُّ (ت:792ه)، مع حاشية لشيخ الهند محمود حسن، مكتبة البشرى للطباعة والنشر، كراتشي، 1431ه-2010م.
58-المستَخرجُ من كُتب النَّاس للتَّذكرة والمستطرف من أحوال الرِّجال للمعرفة: عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق، ابن مندة العبدي الأصبهاني، أبو القاسم (ت: 470هـ): تحقيق: أ. د. عامر حسن صبري التَّميميُّ، وزارة العدل والشئون الإسلامية البحرين، إدارة الشئون الدينية.
59-المطول شرح تلخيص مفتاح العلوم: سعد الدين مسعود بن عمر التَّفتَازَانِيُّ (ت:792ه)، تحقيق عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1434ه-2013م.
60-معاني الأبنية في العربية: د.فاضل السامرائي، ط2، دار عمار، الأردن، 1428هـ-2007م.
61-معاني النحو: د. فاضل صالح السامرائي، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – الأردن، 1420 هـ - 2000 م.
62-المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم (مؤصَّل ببيان العلاقات بين ألفاظ القرآن الكريم بأصواتها وبين معانيها): د. محمد حسن حسن جبل، ط1، مكتبة الآداب – القاهرة، 2010 م.
63-معجم المصطلحات البلاغية وتطورها: د. أحمد مطلوب (ت:1439ه)، ط1، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 1427ه-2006م.
64-مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام (ت: 761هـ)، تحقيق: د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله، ط6، دار الفكر – دمشق، 1985م.
65-مقاييس اللغة: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت: 395هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت، 1399هـ - 1979م.
66-المقتضب: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت: 285هـ)، تحقيق: محمد عبد الخالق عظيمة، عالم الكتب، بيروت.
67-الممتع الكبير في التصريف: علي بن مؤمن بن محمد، الحَضْرَمي الإشبيلي، أبو الحسن المعروف بابن عصفور (ت: 669هـ)، تحقيق: د. فخر الدين قباوة، ط1، مكتبة لبنان، 1996م.
68-المنتحل: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (ت: 429هـ)، تحقيق: الشيخ أحمد أبو علي (المتوفى:1936م)، المطبعة التجارية - عرزوزي وجاويش – الإسكندرية، 1319 هـ - 1901 م.
69-المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت:597هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412 هـ - 1992 م.
70-النحو المصفى: د. محمد عيد، ط1، مكتبة الشباب، القاهرة، 1971م.
71-النحو الوافي: عباس حسن (ت: 1398هـ)، ط15، دار المعارف، القاهرة.
72-نزهة الألباء في طبقات الأدباء: عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، أبو البركات، كمال الدين الأنباري (ت: 577هـ)، تحقيق: د. إبراهيم السامرائي، ط3، مكتبة المنار، الزرقاء – الأردن، 1405 هـ - 1985 م.
73-النهاية في غريب الحديث والأثر: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير(ت: 606هـ-1210م)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى، ومحمود محمد الطناحي، ط1، المكتبة العلمية، بيروت، 1399هـ-1979م.

ابي نواس, عماد حميد عبد الله

  • المعرض الدائم في بابل / كلية الفنون الجميلة في بابل
  • المعرض الدائم في واسط / جامعة واسط
  • المعرض الدائم في كربلاء / البيت الثقافي في كربلاء
  • المعرض الدائم في البصرة / البيت الثقافي في البصرة
  • المعرض الدائم في تكريت / جامعة تكريت
  • المعرض الدائم في الفلوجة / البيت الثقافي في الفلوجة
  • المعرض الدار الدائم في الديوانية
  • المعرض الدار الدائم في ذي قار

 

social media 1    social media    youtube    pngtree white linkedin icon png png image 3562068

logo white