حوارات ومذكرات
حوار مع جنيفر ريان
مــؤلـفة وكتـــاب
حوار مع جنيفر ريان
أجرى الحوار: دار النشر
ترجمة: عبد الصاحب محمد البطيحي
الدافع خلف جوقة تشلبري للسيدات.
كتبت جنيفر ريان عن الدافع خلف هذه الجوقة فتقول: عندما تقدمت في السن كانت أمامي جدتان، احداهما تدعى شكسبير غراني، كانت خبيرة في التراجيديا، أما الأخرى فهي بارتي غراني التي كانت تواصل الحديث معي وتقص عليّ حكايات مثيرة، في كثير من الأحيان تكون مليئة بالحيوية، عن سنوات الحرب التي عاشتها في كينت. شكلت هذه القصص الإطار الخلفي لرواية (منشدات تشلبري). كنت أرغب في إعادة احساس العصر إلى الحياة. واجهت النساء من مختلف الاعمار انواع الفواجع والمصاعب لكن اتيحت لهن، في الوقت ذاته، فرص عمل وحريات شخصية جديدة تزامناً مع وجود أزواجهن على الجبهات.
كان هناك تحول في المعايير الثقافية بين الجنسين نتجت عن احتياجات الحرب. وجدت النساء، على نحو مفاجىء، وظائف متاحة لهن في وقت حاجة البلد، إضافة إلى ان هناك فكرة قوية مفادها ان كل يوم قد يكون آخر يوم لك، لذا أنت بحاجة لتحقيق أقصى استفادة منه. تراخت الأعراف الجنسية في وقت كان فيه الناس يبذلون قصارى جهدهم في العمل. انتشرت أمور عديدة، مثل ممارسة الجنس قبل الزواج والزنا والأمراض المترتبة عليه، والحمل غير المرغوب به. من كان يعلم ما يجيء به الغد، لذا لمَ التحفظ؟
كانت بارتي غراني عضوة في الجوقة، حكت قصصاً مرحة عن سوء احوالهن، فهن قد خسرن في إحدى المرات مسابقة الترانيم بسبب اصابتهن بنزلات برد وانغلاق انوفهن. حكت أيضاً كيف كانت مسابقات الكورال أموراً شائعة خلال الحرب «للحفاظ على الروح المعنوية» أصيبت، مرة، إحدى منشدات "التوس" اثناء غارة جوية، وخلال وجودها في المستشفى قمن بزيارة لها واداء بعض الأغاني أمامها. همهمن بغناء سيء لحملها على الضحك. وبالفعل حققن الهدف من وراء ذلك. كانت تضحك خلال سرد حكاياتها، تشع عيناها وهي تستعيد الذكريات.
استمر افتناني بالعصر مما دفعني لقراءة مذكرات النساء والأطفال في ذلك الوقت. هناك شيء يدفع إلى الحميمية حول الطريقة التي تضافر فيها الجميع للفوز بالحرب. ومهما كانت خلافاتهم فقد وضعوا جانباً لمحاربة العدو المشترك.
وعلى ضوء هذا، عندما بدأت أفكر في تأليف كتاب كانت بذور جوقة سيدات تشلبري تنمو بذهني بالفعل.
حوار مع جنيفر ريان
س: كانت كل إمرأة من نساء تشلبري تختلف عن الأخرى على نحو واضح، كما كان لكل منهن خصيصتها الفريدة، كيف شرعت بالكتابة عن مجموعة من الشخصيات وتطوير كل صوت متميز؟
جنيفر: كانت السيدة تلنغ أول شخصية روائية أرملة في منتصف العمر، ذهب ابنها الوحيد إلى جبهات الحرب. وبما انني أم، فقد اردت ان اتحرى كيف كانت تشعر عندما كانت تسير في المجاز الأمامي، وكم كان الأمر رهيباً وهي تشاهده يسير بلا احتمال عودته إلى منزله. تمثل شخصية تلنغ مركز الرواية، فهي توضح كيف ان النساء في ذلك الوقت قد نشأن على الهدوء والخضوع، وكيف اتاحت الحرب لهن فرصة التعبير عما يدور في اذهانهن. تمثل الجوقة، في العديد من الجوانب، استعارة عن نساء يجدن اصواتهن تحلقت حولها مجموعة من النساء والفتيات تشكلت من مختلف الاعمار والطبقات الاجتماعية والشخصيات من أجل توضيح كيفية استجابتهن لمتطلبات الحرب بشكل كامل.
فينشا، جميلة القرية، شخصية مستوحاة من صديقة جدتي، ليتي، التي كسبت فائدة كاملة من القواعد المتساهلة للأخلاق السائدة في ذلك العصر. كانت تلعب دائماً مع الأولاد، تثير بعضهم ضد بعضهم الآخر، وفي النهاية توقع نفسها في ورطة. وكما نعلم، هناك ضرر عندما تكون فينشا في الجوار. سيلفا، البالغة من العمر عشرة أعوام، يهودية تم تهجيرها من براغ ..هي شخصية تستمد وجودها من الأطفال الذين أنقذهم نيكولاس دينتن خلال عامي 1934 و 1939، وهو مصرفي بريطاني أخبره صديقه عن قضية اليهود في براغ، فنظم طريقة لجلب اطفالهم إلى المملكة المتحدة ليتم الاعتناء بهم من قبل العوائل البريطانية حتى انتهاء الحرب، وبهذه الطريقة يكون قد انقذ عدداً بحدود ستمائة وستون طفلاً منهم، هلك العديد من ابائهم فيما بعد.
س: هل لديك شخصية مفضلة؟
جنيفر: من المحتمل أن تكون كتي، ابنة العميد المستبد، البالغة من العمر ثلاث عشرة أعوام هي الشخصية التي اشعر بأنها قريبة من نفسي. اعتقد انني كنت اشبهها عندما كنت في مثل عمرها هذا. ربما كان من السهل عليَّ أن أقترب من طريقة تفكيرها أو شعورها حول أية حالة تعترض طريقها. كنت أمرح معها كثيراً لمجرد انها كانت تفصح بالقول عن أي شيء تفكر فيه حتى وإن كان يخصها أو كان نزوة أو مصدر ضرر. وبالطبع هي على خطأ إلى حد كبير مع ما يتعلق بأمور كثيرة، فهي تخرج عن السرد التقليدي لتكتب مذكراتها بالعناوين الجانبية وقوائمها الرائعة، مثل قائمة الألوان التي تربطها بكل شخص في القرية، أو ما يعتقد إنه يحدث للناس عندما يحل بهم الموت. الجزء المفضل عند الكثير من القراء هو عندما تتلصص على شقيقتها وهي تغوي شاباً وسيماً، وهذا يمثل أمراً مضحكاً. هذه شخصية من الممتع الكتابة عنها.
س: الموسيقى عنصر رئيس في الرواية، لماذا اخترت توحيد النساء من خلال تشكيل الجوقة؟
جنيفر: حدث ذلك بشكل سريع ومتناغم. بدأت في كتابة أول مداخل صحفية قليلة في دفتر اليوميات للسيدة تلنغ عندما كانت منزعجة بسبب اغلاق الجوقة. بدأ الأمر كما لو إنها كامرأة لم تكن تستحق أن يسمعها أحد. لخصت كل شيء تفكر فيه، فهي دائماً يطلب منها أن تلتزم بالابتسامة وأن تحتفظ بآرائها لنفسها عندما تشعر بأنها غير قادرة على التعبير عن مكنوناتها. لم لا يمكن أن يسمع الآخرون أصوات النساء؟ اكتسبت الجوقة انطلاقة سريعة مع وصول برم، وسرعان ما غدت هذه مركز وروح الكتاب. باعتباري عضوة جوقة متحمسة فأنا أعرف جيداً ذلك الشعور الرائع بالصداقة الحقة الذي يخلقه الغناء المشترك، ذلك الذي يبدو كأن العالم يضيء فجأة من حولك. قبل سنوات قليلة قمت بتحرير كتاب من تأليف العازف الشهير ديفد تايي يبحث عن كيف تؤثر الموسيقى على العواطف، فغدوت اعرف إنه أمر ممتع أن نسترجع تلك اللحظات عندما تكون الموسيقى قادرة حقاً على تغيير عالم الإنسان.
س: طبقاً للمهنة، أنت محررة كتب واقعية، ما الذي دفعك للتحول إلى كتابة الأدب التخيلي؟
جنيفر: أحببت تحرير الأعمال غير الروائية خاصة منها الواقعية السردية والمذكرات. في يوم ما، قبل حوالي خمسة أعوام، كنت أعيد كتابة المذكرات الجميلة لرجل دولة في افغانستان، وعلى نحو مفاجيء عرفت ان في دواخلي الكثير من طاقة التخيل ومن القدرة على المساهمة في الحياة. لذا، بدلاً من مجرد التحرير على الفور كما لو كانت الفكرة موجودة بالفعل في عقلي الباطن عرفت بالضبط ما سأكتب عنه. سأكتب عن النساء خلال الحرب العالمية الثانية. كان لديّ، لسنوات عديدة، شغف بقراءة مذكرات تعود لزمن الحرب، اضافة إلى قصص جدتي، مما نتج غن ذلك الشغف خلفية لكشف حياة النساء المتغيرة طوال فترة الحرب وإعادة تشكيلها وبعث الروح فيها.
س: ما الذي تريدين من القراء أن يستخلصوا بعد قراءة هذه الرواية؟
جنيفر: الرسالة هي اننا قادرون على ان نجد القوة الكافية لتحدي الواقع الراهن وتغيير الطريقة التي نستجيب بها للأشياء التي تواجهنا في أي مكان نعيش فيه. أحياناً، نجد ان ما يعيدنا إلى الخلف هو ما نمارسه من الطرق في السلوك والمعتقدات والخوف من الابتعاد عن سلامة المعايير. نحن بحاجة إلى تحرير الروح، إلى ايجاد القوة والعزيمة والشجاعة التي تعيننا على مواجهة العالم وجعله مكاناً أفضل. نحن بحاجة إلى أن نعرف كيف نريد أن نعيش حياتنا ببساطة بدلاً من تركها تغمرنا بامورها.
أخضعت أمور الحرب والوفيات والخوف سيدات قرية تشلبري إلى ضرورة النظر إلى حياتهن بتلك الطريقة التي تتلخص بالرقص والغناء والوقوع بالحب، وفي الوقت نفسه غيرت طرق تفكيرهن بشأن من هو المسؤول عن حياتهن وخرجن بقرار اتباع ما تمليه عليهن نفوسهن.
عن المؤلفة:
تعيش جنيفر ريان في منطقة واشنطن مع زوجها واطفالها الثلاثة. هي في الأصل من لندن كانت في السابق محررة كتب غير روائية. لها العديد من الكتب، وقد كتبت رواية (منشدات تشلبري) عام 2017. تكتب روايات معاصرة عن الأشخاص العاديين الذين يقومون بأشياء غير عادية، قصص الحب العاطفية العميقة مليئة بالمخاطر والصداقة والسعادة الدائمة التي نصبو اليها جميعاً. عندما لا تكتب كتاباً فإنها تقرأ كتاباً. عندما يغادر هوسها في العوالم الخيالية سنجدها في الحقيقة تلعب بالتراب وتحلم بأشخاص يعيشون في رأسها، يمكثون هكذا حتى تضعهم على الورق.
المصدر:
THE Chilbury Ladies
By: Jennifer Rayan.