دار الشؤون الثقافية العامة... وسبل حماية التراث العربي الإسلامي
إسراء يونس
التراث يعد من الأشياء المهمة في حياة الانسان، وهو مجموعة من التراكمات التاريخية التي ترتبط بماضي الانسان ارتباطاً وثيقاً كما تربط ما بين الواقع الذي يعيشه وبمستقبلة وحاضره وهو يعد حجر الأساس الذي يعتمد عليه ثقافة الامة في ماضيها وحاضرها.
وفي ظل التحديات الحضارية التي تواجها الامة العربية والإسلامية عبر تاريخها الطويل والتي تتجلى في تصاعد الاعتداءات على التراث الحضاري، كما هناك حاجة لتقديم وإبراز قيمة التراث الحضاري في العالم الإسلامي والعمل على نقله بصورة سليمة إلى الأجيال القادمة.
علماً ان هذا التراث ليس ملك للامة الإسلامية وحدها فحسب بل هو تراث انساني تملكه البشرية وللحفاظ عليه أهمية كبرى في وقتنا الحاضر. وتكمن أهميته بأنه يعطي كل شعب هويته التي تميزه عن غيره من الشعوب ويمنحه قيمته الاجتماعية والعلمية والتربوية. كانت هذه مقدمة الندوة التي قدم قراءتها السيد طالب كريم / مدير الندوة.
ومن هذا المنطلق وتحت شعار "حماية التراث أمانة في أعناق الأجيال" وبرعاية الأستاذ حميد فرج حمادي / مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة وبالتعاون مع مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد تقيم الدار ندوة تحت عنوان "التراث العربي الإسلامي المنجز وآفاق التأثيرات الراهنة" حاضر فيها الأستاذ د. علي حداد التدريسي في مركز احياء التراث العلمي والعربي ورئيس تحرير مجلة المورد التي تصدرها الدار والأستاذ د. مجيد مخلف / مدير مركز احياء التراث العلمي والعربي.
انواع التراث وماهيته
ما هو التراث؟ كانت بداية الحديث للدكتور علي حداد مجيباً بانه خيرات الأجيال والجزء الفاعل والحيوي الذي يترك سمات وملامح وجملة من العوامل في بيئة الانسان ومجتمعه. اذا التراث حيوية وفاعلية وقدرة على التواصل مع الأجيال ليظل فاعلاً في زماننا الحاضر.
مصنفاً التراث بنوعين: الأول هو التراث المادي، وهو شاخص على الأرض ويرتبط بالعمارة والازياء والأماكن والاثار.
والنوع الثاني التراث المعنوي وهو التراث الأساس الذي نتفاعل معه و يمثل المعتقدات والتقاليد وقيم الإنسان التي تستمر وتتواصل في الأدب والحكايات والفنون وهو تراث غير مادي، وصفته منظمة اليونسكو وتشتغل عليه.
ويشكل التراث الثقافة والحضارة وهو قضية في حياة الأمم وله تأثير مهم في الفكر السياسي المعاصر، فالبعض قال هو كل الماضي. وبالمقابل اذا اردنا ان ننهض ننتقي من التراث. وهو وجود عاشه الانسان وخلف منه قيم والكثير من هذه القيم تحتاج إلى إعادة النظر بها.
ووصف الباحث اليابانيون بأنهم أكثر الشعوب تحرص على تراثها الماضي والمعنوي وهذا ما يعزى إلى ما وصلوا اليه من تطور وتقدم كما صنف كل ما يتعلق بالنخلة هو بابلي واكدي ابتداءاً من السعف والتمر. في حين نحن نهمل تراثنا المادي المتمثل في السياحة حيث ان بلاد ما بين النهرين هي بلاد الأنبياء وتحتوي على الكثير من المراقد الدينية ومناطق الاهوار والعديد من المناطق السياحية لو استغلت بشكل صحيح لكانت النتيجة إيجابية تعود بالخير على الوطن.
كما أشاد في حديثه إلى الهوية التي تجمعنا جميعاً والمستلهمة من تراثنا العربي الإسلامي الزاخر بالقيم الإنسانية وبهذا نظهر إلى الآخرين بهوية تخصنا.
د. مجيد مخلف / حماية التراث
في بداية حديثه بارك لدار الشؤون الثقافية العامة فوزها بمجلة المورد بأفضل مجلة ثقافية تراثية لعام 2017 مسلط الضوء على أهمية التراث في حياة الأمم والتي تميزها عن غيرها.
ان تراث امتنا العربية زاخر وموضع اعتزاز وفخر وله دور في بناء الحضارة الإسلامية وهو وسيلة استمرار الإبداع والقيم الخلاقة، وفي تراثنا تجارب لابد ان نستند عليها في مستقبلنا وان ننظر إلى الأمام في صياغة المستقبل ونشأته فالتواصل لا يتم لا بالحفاظ على هذا التراث لنضمن وجودنا وتأثيرنا على الاخرين وليستفاد اجيالنا من هذا الإرث العظيم. وهناك حقيقة هي لا يمكن ان يكون هناك تجديد في العلم والثقافة لا بالاعتماد على قاعدة من الفكر والتراث والماضي الذي يستوعب منجزات الانسان ويحمل القيم. وقد أشاد الى جهود معالم الاحياء التراث العربي في المحافظة على تراثنا من خلال جمع المخطوطات وفهرستها بأسس علمية والكشف عن نفائس التراث العلمية والتاريخية وعدها وثيقة علمية وحضارية، حيث ان هذا المركز هو احد صروح الجامعة التي تساهم في تقديم اهم واحدث مخطوطات التراث... كما قدم فكرة عن خطة واعمال المركز وفي المحافظة على التراث من خلال عقده الندوات التي تعمل على احياء التراث العلمي وتواصله مع المؤسسات الثقافية ومن ضمنها دار الشؤون الثقافية العامة التي أبدت تعاونها في مد جسور التواصل مع هذا المركز مساهمةً منها في تقديم سبل الحفاظ على المنجز الثقافي. ومن ضمنها السلاسل الثقافية التراثية التي تصدرها الدار وعقد وانشاء الندوات التي تهدف الى مناقشة القضايا المتعلقة بالتراث وحمايته وإعادة تأهيله والنهوض به.
وعلى هامش الندوة كانت هناك مداخلات وآراء قدمها السيد مدير عام الدار الأستاذ حميد فرج حمادي تحدث عن أهمية حماية التراث الثقافي وانه يجب ان يكون هناك دراسات للمحافظة عليه وان نستلهم من تراثنا الماضي للحفاظ على الحاضر حيث يبدأ هذا مع النشئ الجديد من خلال تعريفهم بتراثنا وتوصيل المعلومة التي تعزز الهوية والتراث المعنوي وهو الأخطر والاهم وهو محسوس في الذات وتفاصيله كثيرة ومتشعبة.
والتركيز على الومضات الإنسانية في تراثنا العربي الإسلامي الثقافي الزاخر بها وفي ختام الجلسة قدم شكره وتقديره للأساتذة الحضور على إقامة هذه الندوة.