الفن والرأسمالية

غاية ماريا نجيم*

ترجمة: د. مهند طالب الحمدي

اندمج الفن بالنظام الاقتصادي الرأسمالي القائم. ترتكز الرأسمالية كما يرى كارل ماركس في عمله المهم "العمل المُغترب" على مبادئ راسخة في الملكية الخاصة، وفصل العمل عن رأس المال، وكذلك الأجور والأرباح وإيجار الأراضي، وأيضاً تقسيم العمل، والمنافسة، ومفهوم القيمة التبادلية. وبناءً على ذلك فإن الفن باعتباره ملكية خاصة تصبح له قيمة تبادلية. وفي عالم التجارة الحرة، يمكن لتكلفة الإنتاج أن تنخفض إذا زاد الإنتاج، وبذلك يتمكن المُنتج من الحفاظ على تكلفة انتاج منخفضة ويمكن لذلك أن يدفع الربحإلى الازدياد كما ذكر كارل ماركس في بحثه عن "العمل المأجور ورأس المال." وبما أن المُنتج في الفن هو مُنتجٌ فريد أو محدود بشكلٍ عام، فإن ذلك يجعله ذا قيمة أعلى وينعكس ذلك على قيمته السوقية.

أصبح دمج الفن في النظام الرأسمالي أمراً لا مفر منه. وكما طالب البرجوازيون بالمزيد من حرية التجارة وتقليل الضرائب من السلطات، أراد الفنانون أيضاً الحصول على المزيد من حرية التعبير وتدخلٍ أقل من قبل السلطات كذلك. وعليه، تمكن الفن من الخروج من الصالونات التي تسيطر عليها الدولة وتحقيق استقلالٍ ذاتي. أدى ذلكإلى دخول الفن عالم الأعمال حيث أصبح أصحاب رأس المال قادرين على الاستثمار في الفن كمنتجٍ من أجل تحقيق الربح. حاول العديد من الفنانين محاربة فكرة الرأسمالية أو التمرد على رسملة الفن، واستخدم بعضهم استراتيجيات رأسمالية مثل فكرة إنتاج نُسخٍ متعددة من العمل الفني التي استخدمها خيسوس رافاييل سوتو1 أو بييرو مانزوني2.

فكرة النُسخ المتعددة هنا ليست بمعنى مضاعفات حركية، بل هي إنتاج المُنتج نفسه باستخدام التكنولوجيا بكمية محدودة أو غير محدودة. ومن الأهمية بمكان أن نلاحظ أن إمكانية إنتاج نُسخ متعددة هو من نتاج الثورة الصناعية وأحد أهم ركائز الرأسمالية. وهنا يأتي السؤال الطبيعي ألا وهو: هل يفقد المُنتج الفني هالته ويُصبح مجرد نسخة أخرى من العمل الفني أم هل يمكن للفنانين أن ينجحوا في تحدي الرأسمالية باستخدام وسائل رأسمالية؟
فيما يلي من المقال سنبحث في العلاقات المتبادلة بين الفن والرأسمالية ونقدم الاستراتيجيات السياسية المختلفة التي يمكن للعاملين في الفن استخدامها للوقوف أمام هيمنة السلطات. وفي النهاية سننظر في النهج المناهض للرأسمالية ومنهجها المتمثل بالإنتاج المتعدد مع الأخذ بنظر الاعتبار أن إنتاج نُسخٍ متعددة هو مظهرُ من مظاهر الرأسمالية.

وكي نكون قادرين على مواصلة الاستقصاء في علاقة الفن والرأسمالية، ينبغي لنا أولاً أن نشرح، ولو بشكلٍ موجز، كيفية عمل قطاع الفن ضمن الرأسمالية. الفن في حقيقته مُنتج، واكتسب هذا المُنتج الفني مع دخول الرأسمالية في قطاع الفنون قيمة سوقية بالإضافةإلى قيمته الجمالية. أي تم إضافة قيمة تبادلية للمنتج من خلال السوق علاوة على قيمته الثقافية. السوق في حالة الفن هو شبكة الاتصالات بين الفنان والمشتري، وعناصر السوق هي التي تحدد القيمة السوقية للمنتج الفني التي تحدد بالتالي قيمته التبادلية. لم يتم إرساء قواعد هذه الشبكة المعقدة والمتصلة من العلاقات بشكلٍ تام في العصور السابقة كما حدث في عصر النهضة. ومن الجدير بالذكر هنا إن انتفاضة البرجوازية، التي شكلت السوق كما نعرفه اليوم، قد ارتبطت بدخول الفن كمُنتجٍ في السوق. لكن على عكس المنتجات البرجوازية، ورث "الفن البرجوازي" الأساطير المرتبطة بالفن مثل الأصالة، وإبداع الفنان وعبقريته، وتوقيع الفنان لضمان الأصالة، وتفرد المنتج الفني.

ربط جيني ري3 حرية التعبير في الفن بالفصل الضروري للفن عن الحياة الواقعية. في واقع الحال، تسمح السلطة في الفن ما لا تسمح به في نشاطٍ آخر لو أن الأفكار المتمردة ذاتها تحولتإلى أفعال. ومع ذلك، تم تقويض هذه الاستقلالية من خلال مماثلة الفن بالمتعة أو الهيبة أو من خلال إدخال قيمة اقتصادية للفن. يرى جيني ري أن القيمة الاقتصادية والقيمة الجمالية للفن متعارضتان فعلاً ولا يمكن التوفيق بينهما.

علاوة على ذلك، فإن أيديولوجية المال مؤثرة للغاية، على الأقل من الناحية العملية. يحتاج الفنانإلى المال لشراء ما يحتاجه من الموارد من أجل إنجاز منتجه الفني، ويحتاج كذلكإلى تحقيق شيء من ربحٍ مادي من أعماله كي يتمكن من البقاء وإنتاج المزيد من الأعمال الفنية. وهنا تبرز سيطرة نظام المال على الفنان. يتحكم السوق في الفن أيضاً لأنه يمكن الترويج للفنان من خلال قوى السوق بناءً على ما إذا كان عمل الفنان يُحقق ربحاً في السوق أم لا بغض النظر عن محتوى العمل.

ومن أجل مزيدٍ من التأكد حول اندماج الفن في نظام الرأسمالية، دعونا الآن نراجع التطور الاقتصادي للفن. يوضح ريموند مولان4 أنه في القرن الخامس عشر، وتحت تأثير الإنسانيين، تم اعتبار الفن الليبرالي شكلاً مختلفاً عن الحرف اليدوية والمهن. تعززت فكرة تفرد العمل الفني وعدم إمكانية إعادة إنتاجه أو أنه مُصمم ليدوم مع تمدد الثورة الصناعية. وبسبب الإنتاج الضخم للصناعات، برز الفن على أنه عملٌ إبداعي مُتفرد في نوعه. وهنا يجد الفنان نفسه في خضم علاقتين مختلفتين مع عمله: علاقة جمالية وأخرى اجتماعية. العلاقة الشخصية أو الجمالية مستقلة عن الظروف الاجتماعية، بينما تعتمد العلاقة الاجتماعية على الجانب الآخر، وبشكلٍ كبير، على الظروف الاقتصادية للمجتمع. ويدل ذلك على أن استقلالية الفن هي استقلالية جزئية فقط وأن الفن يعتمد على السوق. يمكن بيع وشراء المنتجات الفنية كما هو حال المنتجات الأخرى. وفي واقع الحال، تم دمج الفن في الاقتصاد بشكلٍ رسمي من خلال فرض ممارسة العقود في مجال الفن عام 1870، وبالتالي سار سوق الفن على مسار الأكاديميات التي دمجت الفن في المجال الاجتماعي.

بعد أن نظرناإلى الجانب الاقتصادي للمُنتج الفني، دعونا الآن ننظرإلى تأثير الفنان في مجاله ومكانته كمبدع. لقد أحدث الفنانون ثورة في الفن الحديث من خلال تصور عملية خلق المنتج الفني عندما تم تحديد فعل الخلق ذلك بجعله لحظة إبداع أو أن يؤديه شخص ما أو جعله فعلاً من قبل أشياء أخرى. وفي واقع الحال، وفي بداية القرن العشرين، بحث فنانون عن معايير جديدة وبشكلٍ أكثر من خلال استخدام تقنيات ومنتجات النظام الرأسمالي. وبالتالي لم يعد الفنان كمبدع مضطراً للقيام بفعل الخلق إذ أصبح مثقفاً ذا تصورٍ يمكن تنفيذه بمساعدة التكنولوجيا أو بمساعدة الآخرين. ومع ذلك، يبقى توقيع الفنان هو ما يعطي المُنتج قيمته. لكن المتطلبات الوحيدة للنجاح لمثل هذا التحديد في فعل الإنتاج هي حقيقة كون الفنان معروفاً جيداً، وهي استراتيجية استخدمها أندي وارهول5 وإيف كلاين6 على سبيل المثال.

وبناءً على المعطيات الجديدة، استخدم الفنانون مقارباتٍ مختلفة من أجل مواجهة الرأسمالية. دعونا الآن ننظر للمقاربات السياسية الثلاثة المناهضة للرأسمالية كما شرحها جيني ري في كتابه "حول ظروف الفن المناهض للرأسمالية" الصادر عام 2006. الفئة الأولى من الفنانين هم من أظهر معارضة النظام من خلال النظام. اعترف هؤلاء بقوة النظام واستخدموا حرية التعبير التي يوفرها لانتقاده. لكن الأمر صعب بالنسبة لهذه الفئة لتطوير أي ممارسات مناهضة للرأسمالية. الاستراتيجية السياسية الثانية، ومنذ أن أصبح الفن لا حول له في السياسة كي يكتسب المزيد من استقلالية التعبير كما بينا سابقاً، هي أن يتخذ الفن أشكالاً مندمجة بالحياة اليومية كما هو الحال مع منتجات الفن الطبيعي. في بداية القرن العشرين، حاول الفنانون الطبيعيون (وفي اتباعٍ لمسيرة الحركات الفنية للفنانين الدادائين7، والمستقبليين8، والسرياليين9) أن يُعيدوا دمج الفن والحياة معاً. كانوا جميعاً ذوي توجهات سياسية نحو اليسار (فيما عدا الحركة الفنية المستقبلية الإيطالية التي وجدت نفسها محاصرة بالفاشية). من خلال مقاربتهم، استطاعوا وبنجاح، الحفاظ على استقلالية الفن وعززوا من حرية التعبير، وبالإضافةإلى ذلك، تمكنوا من إعادة دمج الفن في الحياة من خلال اكتساب قوة سياسية. هذا الأمر مهم لأنه في مقاربة انتاج النُسخ المتعددة، يمكن أن يكون اندماج الرأسمالية في الفن أداة بالنسبة للفن من أجل إعادة اكتساب القوة السياسية.

الفئة الثالثة من الفنانين المناهضين للرأسمالية هم الرُحّل أو الفنانون المُحفّزون. لا ينحاز هؤلاءإلى أي جانب ويستخدمون أدوات مفاهيمية من أجل التشكيك في المنظور الشخصي المُكتسب وتعزيز التأملات الشخصية الثابتة عن الأنظمة التنظيمية الحالية. يقوم هؤلاء بتجميع أفكارٍ عدائية من أجل إيجاد فجوات تكتيكية من ضمنها.

والآن، وبعد أن بيّنا كيف يترابط الفن والرأسمالية وكيف يمكن للفنان أن يحارب النظام، دعونا نوضح كيف أن خلق نُسخٍ متعددة هو في الواقع استراتيجية جيدة لمناهضة الرأسمالية.

فلنبدأ حديثنا بالقول إنه منذ عصر النهضة وجد الفن كمنتج فريد من نوعه، وكان إنتاج النُسخ المتعددة باستخدام النقش على سبيل المثال كوسيلة لإعادة إنتاج وتسهيل انتشار المُنتج، لكن ذلك لم يؤثر على هالة العمل الأصلي. وحتى في الوقت الحاضر، لا تحل الملايين من نُسخ لوحة الموناليزا محل العمل الأصلي المُتفرد من قبل ليوناردو دافنشي. ويمكن أن تخدم التكنولوجيا في زمننا هذا من أجل إنتاج نُسخٍ متعددة للعمل الفني من أجل تغيير المظهر بدلاً من إنتاج عملٍ أصلي واحد. تخلق القضايا المُتعلقة بإنتاج النُسخ المتعددة قبل كل شيء نوعاً من الفن ليس له تميز اقتصادي مثل العمل الأصلي، وبالإضافةإلى ذلك ليس هناك أي فرق ما بين المُنتج الأول من سلسلة النُسخ المتعددة والمُنتج الأخير. لا تكمن قوة المقاربة في إنتاج النُسخ المتعددة في التجارب الفعلية وإنتاج نُسخٍ متعددة للعمل الفني، بل في قدرتها على رفض أي أيديولوجية وبالتالي تصبح مناهضة للأيديولوجية.

ولنأخذ سلسلة نُسخ العمل الفني المتعددة "الفنان المقرف" سيئة السمعة للفنان الإيطالي ألساندرو مانزوني10 على سبيل المثال. استخدم الفنان نظام السوق القائم لبيع عينة من مخلفاته في وعاءٍ مغلق، وعلاوة على ذلك لا يمكن للمشتري التأكد ما إذا كانت المخلفات موجودة فعلاً داخل الوعاء قبل عملية الشراء. استغل الفنان العلاقة بين التسوق والرغبة في امتلاك العمل الفني، ويصور لنا مثلاً لعبثية السوق.

الفن هو انعكاسٌ للواقع. وتساعدنا عملية تغيير أعراف الفن بسبب تغير الواقع في إعادة النظر في التغييرات التي تكيّفنا معها في الحياة الواقعية. وعلاوة على ذلك، وكما تم ذكره سابقاً، تُشكل استقلالية الفن عن الحياة الواقعية إشكالية. وفي محاولة إعادة دمج الفن بالحياة، يُثبت الفن أنه ليس مكاناً للهروب من الواقع، لكنه يمثل الواقع بوحشيته، والأهم إنه يمثل الواقع بتقنياته. ومن خلال الفن يمكن انتقاد الواقع من خلال تفسيره. وبذلك اكتسب الفن القدرة على دمج نفسه في الحياة وفي الواقع. يستخدم الفنانون الذين ينتجون نُسخاً متعددة للأعمال الفنية كمقاربة مناهضة للرأسمالية، عملية قد يجدون أنفسهم مضطرين لاستخدامها لأنها، وبنوعٍ من السخرية، تتمتع بظروف الحياة الواقعية نفسها.

في الواقع، التضحية التي يقدمها الفنانون من خلال الالتزام بظروف الواقع تسمح لهم أن يدخلوا عالم الواقع بهذا الأسلوب. وبهذا السلوك تسمح لهم بالتأثير على الواقع. وعليه، فإننا يمكن أن نستنتج إن إنتاج النُسخ المتعددة ليس من قبيل القبول بالنظام، ولكن من قبيل استخدام النظام.

يهدف بعض الفنانينإلى تحدي النظام من خلال تقليل القيمة التبادلية للمُنتج الفني من خلال إنتاج نُسخٍ متعددة منه. الفن من خلال محاولة التضحية بهالته أو تفرده، يضرب الامتيازات التي تحصّل عليها الأثرياء في امتلاك الأعمال الفنية مما يعني فقدان التميز الذي احتفظ به الأغنياء. وبالشكل ذاته، يضرب الفن امتيازات الأغنياء في التسلسل الهرمي الموجود في النظام الاقتصادي القائم. الفن المناهض للرأسمالية الذي تمكن من إخراج نفسه من صالات البرجوازيين يهدف بشكلٍ مباشرإلى سحب امتيازات البرجوازيين في عالم الفن وبالتالي تصبح عملية امتلاك الأعمال الفنية ليست امتيازاً للأغنياء. ومن خلال ذلك أثر إنتاج النُسخ المتعددة في الفن على الواقع.

على الجانب الآخر، الفن في واقع الأمر خاضعٌ للرأسمالية. شروط الترقيم للأعمال الفنية التي تم تبنيها منذ عام 1968، تُمكّن سوق الفن من السيطرة على عدد النُسخ الإضافية من أجل التحكم بقيمة العمل الفني. بالإضافةإلى ذلك، ما زالت نُسخ الأعمال الفنية المتعددة للفنانين المشهورين ذات قيمة، وحتى بعد وفاتهم فإن منتجاتهم الأصلية قد لا تكون قابلة لإعادة الإنتاج بعد ذلك. ومن شأن ذلك أن يزيد من قيمة العمل. وأخيراً، إذا كان العمل نفسه مُتاحاً لعددٍ كبير من الناس، فإن ذلك قد يكون تأكيداً على عبقرية الفنان اللامحدودة والاستحسان بعمله. وفي النهاية، فإن العمل الفني يقع تحت خطر التعرض أن يُصبح مجرد سلعةٍ أخرى.

ومن أجل الدفاع عن إنتاج النُسخ المتعددة في مجال الفن باعتباره فعلاً مناهضاً للرأسمالية، لا بد من القول أولاً أن وجود الفن في نظامٍ ذي توجه رأسمالي لا يجعل الفن مُنتجاً رأسمالياً. لا يُعدّ ذلك إلا تمثيلاً للنظام الاجتماعي-الاقتصادي القائم، والفن هو عاملٌ مُحفزٌ يساعدنا على إعادة النظر في تصوراتنا عن الحياة الحقيقية. لكن انتاج النُسخ الفنية المتعددة كاستراتيجية مناهضة للرأسمالية، إذا كان القصد من شكل المحتوى ونشره هو مناهضة الرأسمالية فحسب، فذلك ليس تحفيزاً، بل استهزاء بأيديولوجية النظام. وأخيراً، فإن عدم القبول بعقيدة تفرد الفن لا يُعدّ رفضاً للإبداع الفني. لا يزال الفنان هو من يخلق المُنتج الفني على الرغم من تدخل التكنولوجيا. وبما أننا نتقبل تعددية الإنتاج في السينما، فيمكن لنا أن نتقبله في الفن الحديث.

على الرغم من ذلك، يجب علينا الاعتراف بالتأثير القوي للسوق على الفن. لا يمكن للفن أن يتجنب الحقيقة بأن له قيمة اقتصادية ولا بد أن يكون داخل السوق، والتضحية البسيطة التي يقدمها الفنان من أجل دمج الفن في واقع الاقتصاد ليست أبداً على حساب تصوره. وعليه، فإن الاغتراب الجزئي الذي يُدركه الفنان جيداً لا يعمل ضد الفنان، بل يساعده في عمله الفني. أخيراً، يمتلك الفن القدرة على توحيد أمرين مختلفتين: عملية الإبداع والسوق، من دون التوفيق بينهما، مما يخلق توتراً وانقساماً ضمن العمل الفني. ويؤكد هذا أيضاً، وبشكلٍ أكبر، أن الفن قوة اجتماعية ومكان للتعامل مع الأيديولوجيات المتصارعة.

يمكن لنا أن نستنتج هنا أنه بعد كل المحاولات التي قام بها الفنانون لتحدي الرأسمالية، تبدو الرأسمالية قادرة على امتصاص أي نوعٍ من السخرية منها وتُحيلهاإلى مُنتجاتٍ مُربحة بغض النظر عن نوايا الفنانين. وعليه نستطيع القول إنه لحد الآن لم تنجح مقاربة إنتاج النُسخ المتعددة في الفن في هزيمة الرأسمالية، لكنها نجحت في تحديها. يبقى السؤال هنا هو هل سيستسلم الفن في نهاية المطاف للرأسمالية أم ينبغي له الاستمرار في محاولاته لتحديها؟

الهوامش:

  • فنانة بصرية لبنانية، وأكاديمية في كلية الفنون الجميلة والعمارة، الجامعة اللبنانية، بيروت.

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.

  1. خيسوس رافاييل سوتو (5 يونيو 1923-14 يناير 2005) فنان حركي فنزويلي ونحات ورسام. يمكن رؤية العديد من أعماله الفنية في مجموعات المتاحف الرئيسية في العالم، بما في ذلك متحف تيت، ومتحف لودفيغ، ومركز جورج بومبيدو، وغاليريا ناسيونالي للفن الحديث، ومتحف الفن الحدي.
  2. بييرو مانزوني (13 يوليو 1933 - 6 فبراير 1963) فنان إيطالي يعرف بفنه المفاهيمي الساخر. تأثر بأعمال إيف كلاين. سبقت أعماله وأثرت بصورة مباشرة في أعمال جيل من الفنانين الايطاليين الشباب.
  3. جيني ري: ناقد ومنظر يعيش في برلين. عضو في مجموعة أبحاث الثقافة الراديكالية. ظهرت مقالاته حول تقاطعات الفن والسياسة الراديكالية بشكلٍ متكرر في الأدبيات اليسارية في أوروبا. مؤلف كتاب الإرهاب والسمو في الفن والنظرية النقدية (2005). ساهم أيضاً بمقالات في كتاب إشارات في الظلام: الفن في ظل الحرب (2008). قام بتدريس الدراسات النقدية في كلية فلوريدا الجديدة، وجامعة هاواي، وجامعة جنيف للفنون والتصميم.
  4. ريموند مولان (1924-2019). عالم اجتماع فرنسي. عمل مديراً للأبحاث في المركز الوطني الفرنسي لأبحاث العلوم الاجتماعية، ومديراً لمركز علم اجتماع الآداب في كلية الدراسات المتقدمة في العلوم الاجتماعية (1992). مؤسس مركز علم اجتماع الفنون والرئيس السابق للجمعية الفرنسية لعلم الاجتماع ورئيس التحرير السابق للمجلة الفرنسية لعلم الاجتماع.
  5. أندي وارهول (6 أغسطس 1928- 22 فبراير 1987) فنان ومصور أمريكي. كان واحداً من أكثر الفنانين غزارة في الإنتاجية وشعبية في عصره. كان حريصاً على جودة إنتاجه الفني وبنفس الوقت أن يقدم أعمالاً تجارية تصل لعامة الناس. كان رساماً إعلانياً ناجحاً، وأصبح رائداً في حركة فن البوب Pop Art في الستينيات من القرن الماضي. انخرط في مجموعة واسعة من أشكال الفن، بما في ذلك صناعة الأفلام، وتعديل الفيديو، والكتابة، والدمج بين الفنون الجميلة ومختلف الفنون العامة.
  6. إيف كلاين (28 أبريل 1928 - 6 يونيو 1962) فنان فرنسي وشخصية هامة في الفن الأوروبي بعد الحرب. كان عضواً بارزاً في الحركة الفنية الفرنسية نوفو رياليزم (الواقعية الجديدة) التي أسسها الناقد الفني بيير ريستاني عام 1960. كان كلاين رائداً في تطوير فن الأداء، ويُنظر إليه على أنه مصدر إلهام ورائد في الحركة الفنية التقليلية، وكذلك فن البوب.
  7. الدَّاديّة: حركة ثقافية انطلقت من زيوريخ (سويسرا) كنوعٍ من معاداة الحرب، أثناء الحرب العالمية الأولى، بعيداً عن المجال السياسي، وإنما من خلال محاربة الفن السائد. برزت في الفترة ما بين عامي 1916 و1921. أثرت الحركة على كل ما له علاقة بالفنون البصرية، والأدب، والشعر، والفن الفوتوغرافي، ونظريات الفن، والمسرح، والتصميم. تبنت الدَّاديّة شعار "لا للفن". وكانت سياستها: محاربة الفن بالفن. كل ما كان يعتبر فناً، كانت الحركة تصنع عكسه. أرادت الدَّاديّة تجاهل علم الجمال، إذ أنها رأت أن الفن هو ما يوصل رسالة، أو يحمل رمزاً. لم ترد الحركة أن تفسر الفن، بل اعتقدت أن على المتلقي أن يفهمه كيفما أراد، إذ أن الفن يجب أن يخاطب الأحاسيس. رغم أن الحركة كانت تسعى لتحطيم علم الجمال، وتخريب كل أشكال الفن التقليدي، إلا أنها كان لها أثر كبير على نشأة الفن الحديث.
  8. المستقبلية: حركه فنية تأسست في ايطاليا في بداية القرن العشرين، وكانت تشكل ظاهرة فيها. كان الكاتب الإيطالي فيليبو توماسو مارينيتي مؤسسها والشخصية الأكثر نفوذاً فيها. المستقبلية كلمة شمولية تعني التوجه نحو المستقبل وبدء ثقافة جديدة والانفصال عن الماضي. ينشط المستقبليون في كل فروع الوسط الفني مثل الرسم والنحت والخزف والتصميم الغرافيكي والتصميم الصناعي والتصميم الداخلي والمسرح والازياء والمنسوجات والأدب والموسيقى والهندسة المعمارية وفن الطهي. وهي بشكلٍ عام حركة تحاول الابتعاد بالفنون عن كل قديم وتقليدي وهادئ وتطوير تقنيات لفنون المستقبل.
  9. السريالية أو فوق الواقعيّة: هي حركة ثقافية في الفن الحديث والأدب تهدفإلى التعبير عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والمنطق وحسب مُنظّرها أندريه برِيتون فهي آليّة أو تلقائية نفسية خالصة، يمكن من خلالها التعبير عن واقع اشتغال الفكر إمّا شفوياً، أو كتابياً، أو بأي طريقة أخرى. إذن فالأمر يتعلق حقيقة بقواعد إملائية للفكر، مركبة بعيدة كل البعد عن أي تحكم خارجي أو مراقبة تمارس من طرف العقل وخارجه عن نطاق أي انشغال جمالي أو أخلاقي. وقد اعتمد السرياليون في رسوماتهم على الأشياء الواقعية في استخدامها كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي. لقيت المدرسة السريالية رواجاً كبيراً بلغ ذروته بين عامي 1924-1929 وكان آخر معارضهم في باريس عام 1947. من أهم أقطابها الفنان الإسباني سلفادور دالي (1904-1989).
  10. ألساندرو فرانشيسكو مانزوني (7 مارس 1785 - 22 مايو 1873) كاتب وشاعر إيطالي. يعتبر أحد أكبر روائيي إيطاليا عبر العصور، خصوصاً روايته "المخطوبون" وهي أشهر أعماله ولا تزال تشكل علامة فارقة في الأدب الإيطالي. درس في عدة مدارس وكان يٌعدّ مغفلاً. في سن الخامسة عشرة، طوّر شغفاً بالشعر. لدى وفاة والده سنة 1805، انضمإلى والدته بحي أوتيويل الباريسي، وأمضى عامين مختلطاً مع مجموعة أدبية ممن يسمون "الإيديولوجيون"، من مدرسة فلاسفة القرن الثامن عشر. هناك تشرّب الفولتيرية المناوئة للعقيدة الكاثوليكية، لكن بعد زواجه، وتحت تأثير زوجته، تحولإلى الكاثوليكية الملتزمة.


المصدر:
مجلة رسائل أكاديمية، مقالة 2262، 2021

Academia Letters, July 2021
Corresponding Author: Gaïa Maria Noujeim, gaia.m.njeim@gmail.com
Citation: Noujeim, G.M. (2021). Art and Capitalism. Academia Letters, Article 2262
https://doi.org/10.20935/AL2262.

  • المعرض الدائم في بابل / كلية الفنون الجميلة في بابل
  • المعرض الدائم في واسط / جامعة واسط
  • المعرض الدائم في كربلاء / البيت الثقافي في كربلاء
  • المعرض الدائم في البصرة / البيت الثقافي في البصرة
  • المعرض الدائم في تكريت / جامعة تكريت
  • المعرض الدائم في الفلوجة / البيت الثقافي في الفلوجة
  • المعرض الدار الدائم في الديوانية
  • المعرض الدار الدائم في ذي قار

 

social media 1    social media    youtube    pngtree white linkedin icon png png image 3562068


logo white