عن (المورد) ورسالتهاالثقافية
أ.د. علي حداد
رئيس التحرير
اختطت مجلة (المورد) منذ أن تأسست وصدر عددها الأول سنة 1971م مسارها أن تكون مجلة تعنى بالتراث ومعارفه، متخصصة في مجالات استعادة مضامينه دراسة وتحقيقاً ومجادلة، وإعادة قراءة وتقييم. وذلك ما كان لها، وما حافظت عليه عبر هذه السنوات الطويلة ـ التي توشك أن تبلغ النصف قرن ـ متمسكة بهويتها وتوجهاتها المعرفية الرصينة، والمسعى المجالد لكل الظروف والمعوقات التي مرت على بلدنا خلال تلك العقود، لتستمر(المورد) بالصدور وإداء دورها الثقافي المنشود الذي جعل منها مجلة التراث العربي الأبرز في الوطن العربي كله. فقد قدر لها أن تصل إلى كل المهتمين بالتراث، وأن تتواصل معها أجيال من الباحثين والأكاديميين العراقيين والعرب والأجانب المهتمين بالتراث والحريصين على إبقاء جذوة الاشتغال عليه صادحة القول وضاحة الحضور، تترقب إنجازهم فئات من القراء خاصة وجادة في تلقي التراث وتمثل درسه المعرفي الرصين كانت (المورد) حريصة أن تصل إليهم وهم في مدنهم وبلدانهم .
ولم يكن للمورد أن تحظى بذلك كله لولا أن تولى رئاسة تحريرها وعلى مر تاريخ صدورها أعلام الثقافة العراقية من الأكاديميين والباحثين ذوي الرصانة العلمية المشهود لهم بها.
ولعل النقلة النوعية في عمل المجلة قد تهيأت حين انيطت بنا مهمة رئاسة تحريرها، فسعينا ـ مع هيأة تحريرها والهيأة الاستشارية التي اختيرت بعناية، لتضم أساتذة من اختصاصات علمية مختلفة، ولهم الباع الأوفى في دراسة التراث ومعارفة ـ إلى الارتقاء بالمجلة من حيث المضامين والتبويب، ومن حيث التواصل مع الجهات العلمية والأكاديمية في العراق وخارجه.
لقد استحصلنا للمورد رقماً دولياً معيارياً، أصبحت به من ضمن المجلات العلمية المحكمة والمعتمدة عالمياً، وهو ما حدا بكثير من الجامعات العراقية والعربية أن تدرجها ضمن المجلات الأكاديمية التي يعتمد النشر فيها لأغراض الترقية العلمية التي يسعى إليها الباحثون الجامعيون.
وتحقيقاً لهذه الغاية فقد جرى التواصل مع الجامعات العراقية ـ في كلياتها ومعاهدها المتخصصة ـ كي تحث التدريسيين فيها للنشر في (المورد)التي أصبحت تمنح قبولات نشر معتمدة لمن يطلبها من الباحثين الذين تحال أبحاثهم إلى التقييم السري من قبل أساتذة مختصين في مجالات تلك الأبحاث.
ولغرض تحقيق الغايات المثلى من التواصل مع الهيئات العلمية ـ والجامعية تحديداًـ فقد اختارت (المورد)عدداً من ذوي الاختصاص من الأكاديميين ليكونوا ضمن هيأة تحريرها، يمدونها بخبرتهم ، وتحقق من خلال وجودهم أن يتداولها الوسط الجامعي، وأن يكونوا صوتها الذي يدعوا الباحثين للتواصل معها والنشر فيها .
كما اختيرت للمورد هيأة استشارية من خيرة الأكاديميين المعنيين بالتراث من العراقيين والعرب، مستفيدين من خبراتهم، ومعتمدين على ما يقدمونه من أفكار ورؤى لتطوير المجلة، وكذلك استشارتهم في تقييم الأبحاث المنشورة في المجلة.
وكان من بعض مظاهر المسعى العلمي المشترك بين (المورد) والجهات الجامعية التقليد الذي تواصل العمل به ومنذ سنوات متمثلاً بإصدار عدد سنوي خاص بأبحاث أساتذة مركز إحياء التراث العلمي العربي بجامعة بغداد.
لقد تهيأ للمجلة أن تعيد التواصل مع كثير من الباحثين العرب الذين أصبح بعضهم يراسلونها ويبعثون إليها ببحوثهم ودراساتهم التي تنشر تباعاً فيها.
ولترصين بعض التقاليد الخاصة بالمجلة، فقد اختطت لها هيأة تحريرها أن يتضمن كل عدد منها (ملفاً خاصاً) في شأن تراثي محدد يجري تناوله من خلال عدد من الأبحاث التي تكرس متونها لقراءة جوانب مختلفة منه. كما سعت إلى الاحتفاء بكتّاب التراث ودارسيه من أعلام الباحثين العراقيين عبر تضمين كل عدد من أعدادها دراسة تتناول علماً بارزاً من بينهم.
ولغاية أن تنفتح المورد على الدرس المعرفي المعاصر بأفكاره وآليات اشتغاله فقد شرعت أبوابها مرحبة بالدراسات التي تستفيد من المنهجيات الحديثة، وتقرأ التراث على وفق معطياتها.
وإذ أنجزت هيأة تحرير (المورد) بعض المطامح فلازالت تسعى إلى المزيد، كأن ينتظم إصدارها فصلية، وأن يعاد إصدار (كتاب المورد) المصاحب لها. وأن تراها وقد وصلت إلى أيدي قرائها من العراقيين في مدنهم، والعرب في بلدانهم، أولئك المتلهفين لاقتنائها وقراءتها.