حوارات ومذكرات
حوار مع الكاتب النرويجي يون فوسه الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 2023
حوار مع الكاتب النرويجي يون فوسه
الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 2023
ترجمة: نجاح الجبيلي
يون فوسه: وُلدَ في 29 أيلول 1959، في هاوغيسوند، النرويج، مؤلف نرويجي يكتب الروايات والمسرحيات والقصائد وكتب الأطفال والمقالات، وقد عمل أيضاً مدرّساً ومترجماً. حصل على جائزة نوبل للآداب عام 2023 "لمسرحياته المبتكرة ونثره الذي يمنح صوتاً لمن لا صوت لهم ". وهو غزير الإنتاج إذ كتب أكثر من 40 مسرحية ونحو 30 عملاً روائيًا باللغة النينورسك (النرويجية الجديدة)، وهي اللغة الأقل شيوعًا بين النوعين المكتوبين للغة النرويجية (وتسمى الأخرى البوكمول).
المحاور: من الملاحظ أن جاك ديريدا حاضرٌ بقوةٍ في كتابك (ملاك يمشي عبر المسرح) الذي يضم مقالاتك المبكرة. يمكن للمرء أن يلمس أنماط تفكيره في العديد من مسرحياتك ورواياتك، خاصةً فيما يتعلق بلعبة الكلام والصمت.
فوسه: بدأتُ دراسة دريدا في عام 1979. هنا في النرويج، كانت الجامعة، أو روح الجامعة، متأثرة جدًا بالماركسية. كان لدينا حزب ماوي متطرف قوي جدًا بين الأكاديميين والكتّاب وأمثالهم. كانت روح العصر، حتى بالنسبة لي. بدأتُ بدراسة علم الاجتماع. وشعرتُ أنه كان موضوعاً أحمقَ تمامًا. طريقة التفكير والمنهج الوضعي في حساب الأشياء، لم تكن شيئًا على الإطلاق. لذلك انتقلت إلى الفلسفة. وكان هناك تغير كبير في تلك السنوات من ماركس إلى ما بعد البنيويين الفرنسيين. أتذكر قراءة دريدا للمرة الأولى في الريف النرويجي في مكانٍ ما. لقد كانت ترجمة دنماركية لكتاب (علم الكتابة)، وكان له تأثير عليّ بطريقةٍ أو أخرى. لقد قرأتُ كتاب مارتن هايدغر (الوجود والزمان). درستُ هايدغر كثيرًا. كان الأمر صعبًا، ولكنه أيضًا ملهماً جداً. شعرتُ أن ما كان يفعله دريدا، هو قلب هايدغر رأساً على عقب. كان السؤال الرئيس لهايدغر هو: ما الشيء المشترك بين كل ما هو موجود؟ أما السؤال الرئيس لدريدا فهو العكس: ما الذي يجعل كل ما هو موجود مختلفًا؟ وأعتقد أن فعل الكتابة هو شيء غريب جداً. إنه ليس مثل الكلام. إنه شيء مختلف جدًا. وقد منحني ذلك أيضًا نوعًا من الارتباط بدريدا ومفهومه عن الكتابة.
بدأت بدراسة الأدب المقارن فيما بعد. بحلول ذلك الوقت، كنت قد كتبت بالفعل روايتي الأولى وأشياء أدبية مختلفة. كانت نظرية الرواية موضوعي الرئيس. كانت هذه النظريات تتناول دائمًا الراوي بوصفه المفهوم الأساس: الراوي، والشخص، والشخصية، والعلاقة بين وجهات نظرهم. وهي مهمة بما فيه الكفاية، لكنني لا زلت أشعر أن المفهوم الأساس لنظرية الرواية لا ينبغي أن يكون الراوي، الذي يشتق من التقليد الشفهي. بل ينبغي أن يكون الكاتب. الطريقة التي فكرت بها في الكاتب كانت بمثابة الجزء الجسدي مما كُتب، والأهمية المادية التي دخلت في الكتابة. وأردتُ أن أكتب نظريتي الصغيرة عن السرد أو الرواية المكتوبة مع كون الكاتب هو المفهوم الرئيس.
وجاء ذلك أيضًا من توظيف الموسيقى. أول نص كتبته، عندما كنت في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، كان يمثّل كلمات أغنية. كتبتُ بعض القصائد والقصص القصيرة. وشعرتُ أنه عندما كنت أكتب لنفسي وبنفسي، وليس للمدرسة، كان الأمر خاصًا جدًا. لقد وجدت مكانًا أحببت الإقامة فيه.
المحاور: أخبرني عن ذلك المكان.
فوسه: أنه مكان آمن. ولا زال هذا هو المكان الذي وجدته بنفسي حين كنتُ في الثانية عشرة من عمري. أنا الآن في الثانية والستين من عمري، وهذا المكان ليس أنا، لكنه موجود بداخلي بطريقةٍ ما. أنه مختلف عني بوصفه شخصًا. أنا عادةً أقول بأنني "يون" الشخص. ثم هناك صورة رسمية لي. هذا يون فوسه. لكن الكاتب ليس له اسم.
هذا المكان مخصص للاستماع والحركة، وهو مكان آمن جدًا للإقامة فيه. لكنه قد يكون مخيفًا أيضًا، لأنه الطريق الذي أدخل به للمجهول. يجب أن أذهب إلى حدود عقلي، وأن أعبر هذه الحدود. وعبور هذه الحدود أمرٌ مخيف إذا كنتَ تشعر بالهشاشة الشديدة. لقد كنتُ هكذا لسنواتٍ عدة. أنا ببساطة لم أجرؤ على كتابة الأشياء الخاصة بي لأنني كنت خائفًا من عبور هذه الحدود في نفسي. حين أكتبُ بشكلٍ جيد، ينتابني شعورٌ واضح ومميّز بأن ما أكتب عنه قد كُتِب بالفعل. أنه في مكانٍ ما هناك. كل ما عليّ فعله هو كتابته قبل أن يختفي. وأحيانًا أتمكن من السيطرة على ذلك فوراً.
في كتاب (صباح ومساء) على سبيل المثال، كتبتُ جزأين منه من دون تغيير أي شيء على الإطلاق، تقريبًا. أو مسرحيتي الأولى (شخص ما سيأتي) - كتبتها أيضًا دفعة واحدة، من دون تغيير أي شيء. لكن رواية طويلة، مثل (السباعيات)، تغيرت كثيرًا. كان عليَّ أن أبحث عن النص الذي شعرتُ أنه موجود. كان عليَّ أن أحاول العثور عليه.
أنها تجربة رائعة - تجربة الدخول إلى مكانٍ جديد، وعالم جديد في كل مرة أتمكن فيها من الكتابة بشكلٍ جيد. وأعتقد دائمًا بأنني مستعد، إذ في يومٍ ما لن أتمكن من الكتابة، ولا بأس في ذلك. وهذا موافق. أعتقد أنها نوع من الهدية التي لديك. مَنْ أو أي شيء يعطيني إياها، لا أعرف.
كنتُ أفكر في المجهول على المضيق البحري، في الظلام وسكون الماء. لقد أمضيت جزءًا كبيرًا من طفولتي على متن قاربٍ في وسط الماء. لقد ساعدني التواجد هناك في تصور مزاجٍ عملي أو الشعور به.
حين كبرتُ، حظيت أنا والأطفال الآخرين من حولنا بتربيةٍ حرة للغاية. سُمح لنا بالخروج على متن قاربٍ بمفردنا عندما كنا في السابعة أو الثامنة من عمرنا. ومن أفضل ذكرياتي منذ نشأتي كانت عندما خرجت على متن قاربٍ مع والدي لصيد الأسماك في وقت ما بعد الظهر وفي الليل، خاصةً في فصل الصيف أو أوائل الخريف. تجربة التواجد في القارب عندما يحل الظلام، في هذا المشهد الطبيعي، على هذا الشاطئ - لا أحب كلمة صورة، لكن هذا النوع من الصور هو ما أشعر به وكأنه لون أو صوت. لا أتخيل أبدًا أي شيء بوضوح أو حرفيًا عندما أكتب. أنه فعل الاستماع. أستمع إلى شيء ما.
المحاور: ماذا تسمع؟
فوسه: أستمع إلى ما أكتب. لكني لا أرى. لا أتخيل. ومن أين يأتي، لا أعرف. بالطبع، أنه لي. أنها لغتي وأنا أستخدم شيئًا أعرفه مادةً.
المحاور: أن منطق النص الذي تكتبه يخلق ما يمكن أن أسميه النموذج. المحتوى ينتمي إلى النموذج، والنموذج الذي عليك أن تجعله جديدًا لكل نص. وهذا الشكل مرتبط إلى حدٍ كبير بما يمكن أن أسميه الكون. لنفترض بأن (السباعيات) هو كون واحد.(الثلاثية) هي عالم آخر تمامًا. لكن أكوانك كلها متصلة. أنها تشترك في المنطق والشكل. غالبًا ما تتشارك الأحرف، أو على الأقل أسماء الشخصيات. أنها تنبع مما يصفه آسل، راوي (السباعيات)، بأنه "صورته الأعمق". أنها موجودة بوصفها كلًا، بوصفها كيانًا حيًا.
فوسه: هذا هو الجانب الآخر منه. يجب أن تكون كونًا فريدًا. أعتقد بأن الأجزاء الثلاثة من (الثلاثية) هي أكوان فريدة من نوعها. ولكنها في الوقت نفسه تكون متصلة. وهذا ما يجعلها رواية، هذه الروايات الثلاث معًا. و(الثلاثية) و(السباعيات) مرتبطان أيضًا. أستخدم الأسماء نفسها مرارًا وتكرارًا وفي الأماكن نفسها تقريبًا. والزخارف نفسها تتكرر. يغرق الكثير من الناس أو ينظرون من النافذة، وغالبًا ما يكون ذلك باتجاه البحر أو المضيق البحري. أنه يشبه إلى حدٍ ما كونك رسامًا يرسم شجرة أخرى، كما فعل الكثيرون من قبل، لكنه يفعل ذلك بطريقته الخاصة. وفي كثيرٍ من الأحيان، يستخدم الرسّام الجيد الفكرة نفسها مراراً، ويصنع صورة جديدة في كل مرة. وآمل أن أنجح في إنجاز الشيء نفسه.
المحاور: كيف يجتمع الدين والأدب بالنسبة لك؟
فوسه : مرّ بي نوعٌ من التحول الديني في حياتي له علاقة بدخول هذا المجهول. لقد كنتُ ملحدًا، لكنني لم أستطع تفسير ما حدث عندما كتبت، وما الذي أدى إلى حدوث ذلك. من أين جاء؟ لم أستطع الإجابة عنه. يمكنك دائمًا تفسير الدماغ بطريقةٍ علمية، لكنك لا تستطيع التقاط نوره أو روحه. أنه شيء آخر. أن الأدب في حد ذاته يعرف أكثر مما تعرفه نظرية الأدب.
المحاور: ويفكر آسل بشيء مماثل عن الله: "لأن الله غياب بعيد جدًا... وحضور قريب جدًا".
فوسه: حتى لو لم تكن (السباعيات) سيرة ذاتية على الإطلاق، هناك أفكار وسمات تشبهني - الطريقة التي يبدو بها آسل، بشعره الرمادي. قررتُ أن أجعلها رواية ذاتية عبر جعل الشخصية الرئيسة تبدو مثلي، والتلاعب بهذا النوع، ثم كتابتها بطريقتي، بوصفها خيالًا. ولكن هناك أفكار، خاصة في الأجزاء الأقرب للمقالة، قريبة من طريقة تفكيري. على سبيل المثال، فكرة أن الله قريب جدًا بحيث لا يمكنك تجربته، وبعيد جدًا بحيث لا يمكنك التفكير فيه. لكن القلة من السعداء لا زال لديهم تجارب عما يمكن أن نسميه الله.
المحاور: أن إحساس آسل بالدين ليس عقائديًا. كيف تفكر في العلاقة بين الله والكنيسة وعقائدها؟
فوسه: إذا كنتَ مؤمنًا حقيقيًا، فأنت لا تؤمن بالعقائد أو المؤسسات. إذا كان الله حقيقة بالنسبة لك، فأنت تؤمن به على مستوى آخر. لكن هذا لا يعني بأن العقائد والمؤسسات الدينية ليست ضرورية. إذا كان سر الإيمان قد بقي لألفي سنة، فالأمر يتعلق بأن تصبح الكنيسة مؤسسة. أنت بحاجة إلى نوعٍ من التفاهم المشترك. لكن هذا لا يعني بأن العقائد صحيحة من الناحية الدينية.
أشعر بأن القوى في العالم الذي نعيش فيه هي قوى اقتصادية قوية جدًا. أنها تدير كل شيء. وهناك بعض القوى على الجانب الآخر، والكنيسة واحدة منها. ولكي توجد الكنيسة – والكنيسة الكاثوليكية هي الأقوى – عليها أن تعزز المذهب الكاثوليكي بطريقةٍ ما. الكنيسة هي المؤسسة الأكثر أهمية، بقدر ما أستطيع أن أرى، بالنسبة للاهوت المناهض للرأسمالية. لديك الأدب والفن بوصفه مؤسسةً أخرى، لكنها ليست قوية مثل الكنائس.
المحاور: ماذا تعني لك النعمة؟ لقد كنت أفكر كثيرًا في هذا المفهوم.
فوسه: أنه مفهوم مهم بالنسبة لي. في بعض الأحيان، حين أستطيع الكتابة، أعدّها هدية، بوصفها نوعًا من النعمة. أنه لا يستحق بطريقةٍ ما. أنت تجلس معي شخصيًا، لا أشعر بأنني أستحق ذلك. حتى إنتاج واحدٍ من مسرحياتي، كل إنتاج يتطلب الكثير من العمل حتى يتعلم الممثلون الخطوط والسينوغرافيا وكل شيء. لقد جعلت الكثير من الناس يفعلون الكثير، وأنا لا أستحق ذلك. أنه أكثر مما أستحق.
أن تتمكن من الكتابة بشكلٍ جيد، فهذه نعمة. وأعتقد بأن الحياة في حد ذاتها ربما تكون نوعًا من النعمة. أستطيع أن أفهم تمامًا الأشخاص الذين قرروا ترك هذه الحياة. إنه مكان فظيع من نواحٍ عديدة. يمكنك أيضًا التفكير في الموت بوصفه نعمة. أن أكون هنا طوال الوقت، لابد أن يكون الأمر فظيعًا.
المحاور: أنها تنطوي على المعاناة.
فوسه: في هذا العالم المتداعي، إذا استخدمنا هذه العبارة المسيحية، الحياة هي نوع من الهبة والنعمة. ولكن بعد ذلك يصبح الأمر متناقضًا للغاية. كل شيء بالنسبة لي، بطريقةٍ ما، ينتهي إلى مفارقة. وأحيانًا أشعر بأنني مليء بالتناقضات لدرجة أنني لا أستطيع أن أفهم كيف أتمكن من البقاء.
المحاور :تكتب بشكلٍ جميل جدًا عن الطفولة. هل الطفولة هي البراءة، حقبة خالية من التناقض؟
فوسه: يجب أن أتحدث عن ذلك لأنه أمر أساس بالنسبة لي: عندما كنت في السابعة من عمري، كنت على وشك الموت بسبب حادثٍ. ومن ثم، من هناك [يشير إلى المسافة]، تمكنت من رؤية نفسي جالسًا هنا - رأيت نفسي هكذا. وكان كل شيء هادئًا، ونظرت إلى المنازل من بيتي، وشعرت على يقينٍ تام بأنني رأيتها للمرة الأخيرة عندما كنت ذاهبًا إلى الطبيب. كان كل شيء متلألأ وهادئًا جدًا، وكانت حالة سعيدة جدًا، مثل سحابةٍ من جزيئات الضوء. هذه التجربة هي أهم تجربة في طفولتي. وقد كان ذلك بمثابة تكوين كبير بالنسبة لي بوصفي شخصًا، سواءً بطرقٍ جيدة أو سيئة. أعتقد بأنه خلقني فناناً.
المحاور: ما يثير اهتمامي في مسرحياتك حين قراءتها هو أنها غالبًا ما تدور عن تصوير الغيرة الجنسية الأكثر إيلامًا وإيجازًا. هذا الأمر أكثر كتمًا في رواياتك، أو على الأقل، يجري إبعاده إلى حدٍ كبير إلى الخلفية.
فوسه :أفضل موضوع للمسرحية هو الغيرة. يعود الأمر إلى العصور القديمة: ما عليك سوى وضع شخصين على المسرح ثم السماح لشخصٍ ثالث بالدخول. ثم لديك الدراما في وقتٍ واحد. من الممكن أن أصنع الدراما حتى بين شخصين، كما أفعل في بعض مسرحياتي، مثل (الأم والطفل).
المحاور: كان هذا مؤلمًا جدًا بالنسبة لي حين قراءته.
فوسه: نعم، هذا إلى حدٍّ ما يشبه ما يحدث في مسرحيات تينيسي ويليامز. ولكن هذا هو السبب الذي جعلني أتعب من كتابة المسرحيات، لأنه كان من السهل جدًا الدخول في الغيرة. عندما تكون هناك غيرة جنسية على السطح، أعتقد غالبًا بأنه في اللغة الصامتة للمسرحية، هناك موت.
المحاور: هل إيروس وثاناتوس يسيران معًا؟
فوسه - أنهم متصلان. ولجعله إنتاجًا جيدًا، عليك أن تتمكن من توظيف كليهما. إذا كتبتها بوصفها مسرحيةً عن الغيرة الجنسية أو شيء من هذا القبيل، فبالنسبة لي لن ينجح الأمر.
المحاور: في مسرحيتك )شخص ما سوف يأتي (، أكثر ما يجعلني أشعر بالقلق هو مدى رغبة شخصيتيها، الرجل والمرأة، في البقاء بمفردهما.
فوسه: ولكنهما يشتركان في هذا الانتماء. هذه هي طريقتهما. أنهما يريدان الهروب من العالم، لأن العالم، مرةً أخرى، مكان صعب التواجد فيه. يعتقدان بأنهما يستطيعان الهروب من ذلك بطريقةٍ أو بأخرى.
المحاور: لكن لا يمكنك الهروب من العالم.
فوسه: وهذا هو الهدف من ذلك. بمجرد أن يفعلا ذلك، بمجرد أن يخلقا عالمهما، سيأتي شخص ما. وبطبيعة الحال، يدخل العالم. يتعلق الأمر باستحالة أن يكونا كاملين، وأن يكونا معًا فقط. قد يكون حلمًا للكثير منا. أعتقد بأنه جزء من الحب بطريقةٍ ما، أن تكون جزءًا من نوعٍ من الكمال. وأعتقد بأن الحب بالطبع ممكن. ولكن ليس بهذه الطريقة التي حاولا بها تحقيق ذلك. تدور المسرحية حول أشياء كثيرة، كما هو الحال مع كل ما أكتبه، ولكنها تدور حول استحالة أن نكون معًا بمفردنا.
المحاور: لديك سطر جميل في (حلم الخريف)، والذي ربما يكون المفضل لدي من مسرحياتك. رجل وامرأة يجلسان على مقعدٍ، يتغازلان، ويجددان علاقة حبٍ انقطعت بسبب زواجه. ويقول لها شيئًا مثل: "أنا لا أؤمن بالحب. ليس هذا النوع من الحب، الحب الذي يأخذ الآباء من أطفالهم. ما نوع الحب الذي يستحق الإيمان به في عالمٍ متداعٍ؟".
فوسه: أعتقد بأن كلتا المسرحيتين تخبرانك بشيء عن الحب. كلتا المسرحيتين تعرفان شيئاً عن الحب. ليس الأمر بأنني أعرف ما هو الجواب. ولكن لدي شعور بأن ما كتبته، صحيح إلى حدٍ ما. أنه ليسَ واقعياً. أنه ليس خيالًا. وهذه هي الطريقة التي يمكنني بها أن أقدم لك إجابة حكيمة. في كتاباتي تكون كتابتك أكثر حكمة، وهي تعرف أكثر مما تعرفه أنت شخصيًا. أنه أكبر. أعتقد بأنها هدية كل الأدب العظيم. بالنسبة لي، طريقة النظر إلى الأمر هي الاعتقاد بأن الحب شيء فريد جدًا، وفي الوقت نفسه، كونيّ تمامًا. وهذا ينطبق على البشر أيضًا. هناك شيء فريد وكونيّ تمامًا للإنسان. ولكن من أجل تحويل تفرد الحب إلى أدبٍ أصيل، لا بد من خلق شيء يستحق العناء.
المحاور : لقد قلت في إحدى مقالاتك المبكرة أن هناك فرقًا بين الخاص والشخصي. هناك العديد من الأشياء الشخصية التي هي أيضًا كونية: المثلث الرومانسي، على سبيل المثال، أو علاقة الأيروس بالموت. قد تختلف الأسماء المرتبطة بهذه التجارب من شخصٍ لآخر، لكنها في الأساس بنى مشتركة من الخبرة.
فوسه: نعم، أعتقد بأن هذا صحيح. لا أرى شخصياتي بوصفهم أشخاصًا، لكني أشعر بها بوصفهم نوعًا من الأصوات. لديك هذا الصوت، ذلك الصوت، عندما تقترب [تلكم الأصوات] من بعضها بعضًا. هناك علاقة بين هذه الأصوات، ومن ثم تصبح هذه العلاقة صوتًا جديدًا. إذا تمكنت من الكتابة بشكلٍ جيد، فأن الأصوات تندمج معًا في ما أسميه أغنية، أو، لكي أكون طموحًا، تكوينًا.
وأعتقد، إلى حدٍّ ما، بأن السبب وراء انتشار مسرحياتي بشكلٍ جيد هو أنه يمكن إعادة إنشاء الكلمات والإيقاع بطريقةٍ أخرى - بهذا الصوت وذلك الصوت ولكن ربما بطريقةٍ مختلفة قليلاً. ولكن هذا يشكل ما يشبه الأغنية. يمكنك غناء هذه الأغنية بالعديد من اللغات بالطبع، ويمكنك غناءها بوصفها نوعًا من الأغاني الشعبية أو بطريقةٍ أوبراليةٍ أو أي شيء آخر. لا يهم طالما أنك تفعل ذلك بشكلٍ جيد. لكن هذا ينطبق على المسرحيات أكثر من الرواية.
المحاور: الشخصيات في مسرحياتك تثير الدهشة كونها حالات وجودٍ في عالمٍ يمكن لأي شخصٍ أن يسكنه.
فوسه: صحيح. لأنه، من أجل جعلها مسرحية حقيقية، يجب على الممثل أن يجعلها شخصيته الخاصة. ويجب على المخرج أيضًا أن يتصور الأمر بطريقته. وهذا ليس ما أفعله في كتاباتي. وأنا بوصفي كاتبًا أشعر بقوةٍ بأنني لست رجل مسرح. أنه ليس شكلي الفني من هذا الاعتبار. ولهذا السبب، كان من المهم جدًا بالنسبة لي أن يجري نشر مسرحياتي.
المحاور: تبدو العلاقة بين مسرحياتك ورواياتك أحيانًا وكأنها علاقة إيقاعية، تناوب موسيقي مدروس ومتقطع بين الكلام والفكر.
فوسه: هذه حقيقة. الأمر كله يتعلق بالإيقاع بطريقةٍ ما، حتى في اللوحة. هناك إيقاع بين العناصر أو العلاقة بينهما. من السهل سماع الإيقاع. من الصعب جدًا معرفة ما هو عليه أو ما يفعله. كل هذه المفاهيم - النعمة، الحب، الإيقاع - تكون سهلة الاستخدام، ولكن من الصعب جدًا فهمها بطريقةٍ حقيقية. لكن الأمر واضح حين يكون هناك إيقاع، فأنت تعرف ذلك. عندما يكون هناك حب، فأنت تشعر به. وبالنسبة لي، حتى الله. وأنا على يقين بأن الله حاضر في كل وقت. أنا لا أشعر به، بالرغم من ذلك.
المحاور: كان هناك جدال بين بعض مترجميك بشأن فكرة النثر البطيء. وعلى وجه التحديد، كان بعضهم - وأنا أتفق مع هذا - يزعم بأن لا شيء مهماً يبدو بطيئًا بشكلٍ خاص. لماذا نسميه بهذا الوصف؟
فوسه: كتبت للمسرح لمدة خمسة عشر عامًا. حصلت على استراحتين قصيرتين عندما كتبت الجزأين الأول والثاني من )صباح ومساء( . وفي نهاية هذه الحقبة الطويلة، كتبت أيضًا (أليس عند النار). لكنني كتبت بشكلٍ أساس المسرحيات بشكلٍ مستمر. وحتى النثر الذي كتبته، كان أشبه بالمسرحية، وكان مركّزاً جداً. نص) أليس عند النار( مأخوذ عن مسرحية تسمى (يوم صيفي). أنه اقتباس من السوناتا الشهيرة لشكسبير) :هل أقارنك بيومٍ صيفي؟).
وصلت إلى مرحلةٍ في حياتي، كان عليّ أن أكتب تكليفًا بمسرحيةٍ. وكان من الصعب جدًا الكتابة. وكانت آخر مسرحية كتبتها عنوانها (هذه العيون). كانت مسرحية جيدة. وهذا يكفي. أردت العودة إلى موطني، حيث أتيت، لكتابة القصائد والنثر، والتوقف عن الكتابة للمسرح. فقلت: "حسنًا، لقد استقلت. لقد انتهيت من ذلك". وفي الوقت نفسه، كنت أسافر كثيرًا، وكنت أشرب الخمر كثيرًا. كان عليّ ببساطةٍ أن أتوقف عن الشرب. اضطررت إلى دخول المستشفى للتخلص منه. وتحولت إلى الكنيسة الكاثوليكية. والتقيت بزوجتي في ذلك الوقت تقريبًا. لقد غيرت حياتي ببساطةٍ إلى درجةٍ كبيرة جدًا. توقفت عن القيام بالقراءات. ونادرًا ما أقوم بإجراء مقابلاتٍ الآن. أرفض تسعين في المئة من الأشياء. لكن هناك مناسباتٍ يجب أن أشارك فيها. عندما أحصل على جائزةٍ هنا أو هناك، حينما أشعر بأنني يجب أن أذهب.
المحاور: نعم، أستطيع أن أقول بأنك لا تحب التواجد في المناسبات.
فوسه: لكنني شخص لا يهدأ، لذلك أواصل السفر. لدينا مكان في النمسا ومكان في أوسلو، ومكانان هنا في الجزء الغربي من النرويج. لذلك، أواصل السفر بين هذه الأماكن الخاصة حيث لدي كل ما أحتاجه. نادرًا ما أسافر إلى أماكن أخرى. أو أسافر مع عائلتي، لكن هذا شيء آخر.
المحاور: هل هناك استمرارية مع ما كنت عليه من قبل؟ أم ثمة انقطاع؟
فوسه: أوه، نعم، هناك استمرارية في كتابتي. كل هذه الأشياء التي أتحدث عنها تكون خارجية. الكتابة شيء آخر. الكاتب بداخلي، يكون ثابتاً دائمًا. لست متأكدًا مما إذا كانت ]الكتابة [رصينة أم لا، لكنها كما كانت من قبل. لكننا كنا نتحدث عن مفهوم النثر البطيء. وأعتقد بأن المسرحية لا تحتاج إلى الكثير من الفعل. ولكن، لكي تتمكن من العمل وإيصال الحقيقة من المسرح إلى الجمهور، فأن الأمر يحتاج إلى تكثيفٍ قويّ جدًا وتركيز شديد. وكتابة مثل هذا النص المكثف لا تستغرق بالضرورة الكثير من الوقت، ولكن عندما تكتبه، فأنه يتطلب الكثير منك ويتطلب الكثير من القوة. أستطيع أن أكتب بسرعةٍ كبيرة حين يكون لديّ هوس، أكتب بهذه الطريقة. ولكن بعد ذلك أردت إبطاء كتابتي وحياتي وكل شيء. هكذا بدأت: أردت أن أكتب نثرًا وأجعله بطيئًا، تلك الجمل الطويلة المتدفقة. وكان كتاب (السباعيات) طويلاً جدًا. وحين انتهيت منه، كان عدد صفحاته ألف وخمسمئة صفحة على الأقل. وبعد ذلك اضطررت إلى قطع بعض الأجزاء التي تحتوي على مقالات. لقد كتبت ما يقرب من مئة أو أكثر من المقالات اللاهوتية التي أخذتها من علم )السبتيات. (
المحاور: وقد قلت بأن تلك تُنسب إلى أليس، زوجة آسل الشابة.
فوسه: نعم معظمها. ورد البعض منها في حوارها مع "آسل". لكن كانت لها محاضرات طويلة. الآن لن تعلم أبدًا أي شيء عن أفكار أليس. كنت أفكر في الأمر اليوم: هل من العدل قطع هذا أم أنه خطأ؟ لقد كانت [محررتي] سيسيلي هي التي قالت أن هذه الفتاة الصغيرة لا يمكن أن تكون بهذه الحكمة، وأنه يجب أن يكون هناك بعض الواقعية فيها بعد كل شيء.
المحاور: هل تفكر في نشرها بشكلٍ منفصل؟
فوسه: في يومٍ من الأيام، قد ألقي نظرة عليها. أنا متأكد من أنها صرّحت بالكثير من الأشياء الحكيمة. و )السبتيات( ليست رواية واقعية بهذه الطريقة، لذا لم تشأ أن تكون خاطئة. أعتقد بأنه كان من الممكن لها أن تقول ذلك، وأن تعرف ذلك. يمكنك أن تكون حكيمًا جداً في سنٍ مبكرة. ربما كان ذلك خطأ، لكن لا أحد يعرف ذلك أبدًا. لا زلت غير متأكد بعض الشيء بشأن هذا الموضوع.
المحاور: أسمع بأنك تترجم الآن، وأنت بين الروايات. أتمنى أن يعمل المزيد من الروائيين مترجمين.
فوسه: أنا حقا أحب أن أترجم. فهذا مثل القراءة، بطريقةٍ ما، لكنك تتعمق كثيرًا. أنها قراءة عميقة جدًا. في الواقع، عندما كنت صغيرًا جدًا، قرأت ترجمات أولاف هوج. وقد جرى جمعها في مجلدٍ واحد يسمى (قصائد مترجمة .( وقرأت جورج تراكل، الشاعر النمساوي، ووقعت في حب هذا الشعر حقًا لأن هوج هو من ترجمه. ثم اشتريت قصائد تراكل المجموعة باللغة الألمانية، ولم أكن أعرف اللغة الألمانية جيدًا في ذلك الوقت، لكنني تمكنت من قراءتها. لم يكن] تراكل[ بهذه الصعوبة لأنه مثلي: فهو يكرر نفسه دائمًا. ويمكنك أن تقول، أكثر مني، أن كل قصائده هي، بطريقةٍ ما، قصيدة واحدة فقط. حاولتُ ترجمة بعض أشعاره وبعض النسخ التي أدرجتها في مجموعةٍ أو مجموعتين من قصائدي. كنت في سن المراهقة عندما قرأتُ تراكل لأول مرة، وقبل عامين أو ثلاثة أعوام، قمت بترجمة إحدى مجموعاته (سيباستيان في صدمة). لقد كان معي لمدة خمسين عامًا أو شيء من هذا القبيل. ثم نشرتُ هذا العام ترجمة لكتاب )المرثيات. (
المحاور: لقد قمتَ أيضًا بترجمة رواية )المحاكمة (لكافكا.
فوسه: نعم، وكانت المراجعات عنها رائعة حقًا، وكنتُ سعيدًا بذلك. لقد قام ناشري، وهو ألماني، بمراجعة كل كلمةٍ من ترجمتي. يمكنك الوثوق به. أعتقد بأنها الترجمة الأكثر موثوقية إلى أية لغةٍ إسكندنافية. وكانت تلك هي المرة الأولى التي أترجم فيها رواية. كان ذلك بعد (السباعيات). شعرتُ بأنني بحاجةٍ إلى استراحةٍ للقيام بشيء آخر. قررتُ أن أحاول ترجمة رواية للمرة الأولى، وكانت رواية (المحاكمة) إحدى رواياتي المفضلة.
لقد ترجمتُ الكثير من المسرحيات، خاصة التراجيديات اليونانية للأساتذة الثلاثة: إسخيلوس، ويوريبيديس، وسوفوكليس. أنه فعل الاستماع إلى هذه الأصوات القديمة المميزة جداً. من السهل جدًا بالنسبة لي أن أسمع وأكتب هذه الأصوات بالطريقة التي أكتب بها، بلغتي، في هذا الوقت. أنا أحب عمل ذلك.
المحاور: وأنت الآن تترجم (السهول) لجيرالد مورنان.
فوسه: لا أعرف كيف انتهى بي الأمر بقراءة مورنان. ولم تجرِ ترجمته إلى اللغة النرويجية من قبل. قرأتُ عنه في مكانٍ ما، وشعرتُ بأنه كاتب مثير للاهتمام، ورواية) السهول( هي أشهر رواياته المترجمة. ويجري نشرها باللغتين السويدية والدنماركية. وعندما يتعلق الأمر بالأدب، أستطيع قراءة اللغة الألمانية والإنكليزية بشكلٍ جيد، لكني أفضل القراءة باللغة الاسكندنافية. لذلك، قرأته باللغة السويدية وأعجبني حقًا. وبعد ذلك قررت أن أترجمه بنفسي.
المحاور: عندما علمتُ بأنك تترجم مورنان، ذكّرني بكمان هاردانجر، الذي يحتوي على أوتارٍ في الأعلى وأوتارٍ متجانسة في الأسفل. يبدو بأنك ومورنان تشتركان في مجموعةٍ معينة من الالتزامات.
فوسه: هذه صورة جيدة. من النادر أن تقابل صوتًا أدبيًا يتحدث إليك حقًا. أنها مثل صداقةٍ جديدة. لا يحدث ذلك في كثيرٍ من الأحيان.
المحاور : كيف تترجم) السهول( إلى لغة النينورسك؟
فوسه:) سليتيني (أنها دقيقة تمامًا. في الألمانية، هو (Die Ebenen). إذ أعيش في النمسا، لديك هذا المشهد المسطح الضخم الذي يسمى سهل بانونيا. الأمر يشبه إلى حدٍ ما المناظر الطبيعية الأسترالية. أشعر بأن مورنان يتمتع بصوتٍ فريد وطريقة رؤية فريدة من نوعها. لم أقرأ قط شيئًا مثل) السهول(، لكنه يشبه كتابتي - هذا الإحساس بالمسافة والقرب. نحن نكتب بطرقٍ مختلفة، ولكن يمكنني أن أقول بأن هناك طريقة مماثلة لرؤية ما وراء ذلك.
المحاور : ربما يكون هناك انضباط أو تركيز مماثل.
فوسه: الطريقة التي أكتب بها عندما أركز، كل شيء يجب أن يكون دقيقًا وصحيحًا. لا أقبل ذلك إذا كانت الفاصلة خاطئة. أنا أعلم بأنه إذا قمت بتغيير شيء ما في الصفحة الرابعة، فسوف يتعين علي تغيير شيء ما في مكانٍ آخر. لا أعرف عدد هذه الالتزامات التي يمكنني القيام بها. أنها ليست واعية. عندما تدخل مثل هذا الكون وتكون، بطريقةٍ ما، منفصلاً عن العالم الحقيقي - عندما تشكل هذا الكون الخاص بك - فهو ليس ملكك.
المحاور: هناك منطق غير شخصي لشكله.
فوسه: بوصفي كاتبًا، أعدّه ضرورةً، شيء عليك القيام به تمامًا مثل هذا أو ذاك. وبوصفك قارئًا، تراه منطقًا. أود أن أقول بأن الكتابة من دون ضرورة ٍلا شيء. وهذه هي قوتها. أعتقد بأن هناك آلاف القواعد التي يجب أن أتبعها عندما أكتب رواية. أغلبهم يقولون لا لهذا، أو نعم لذلك. واتباع كل هذه القواعد والاستماع إليها يتطلب ذاكرة وقدرة عقلية أكبر بكثير مما أعتقد بأنني أملكه بوصفي شخصًا. لكنني أعتقد بأننا أكثر بكثيرٍ مما نعرفه. نحن قادرون على فعل أشياءٍ غريبة.
المحاور : ومن بينها القدرة، أو ربما الفهم، على تنظيم علاقات أجزاء الرواية أو العمل الفني بالكل.
فوسه: نعم، الأمر كله يتعلق بالكل، بمعنى الكمال. والكمال هو روح الكتابة. الرسالة تأتي من شموليتها، من لغتها الصامتة. أنها الكلية التي تظل صامتة وتصر على الصمت. ولخلق هذا الكمال، يجب أن ينتمي كل جزء إليه. أعتقد بأن السلام له علاقة بتحقيق هذا الكمال. وهذا ما لا يستطيع الإنسان تحقيقه بوعي.
لهذا السبب أفضل عدم التخطيط لأي شيء، ومعرفة أي شيء مقدمًا. أنا فقط أثق. بحلول الوقت الذي أكتب فيه، دعنا نقول، صفحة واحدة، أو خمس، أو عشر صفحات، يكون كل شيء، بطريقةٍ ما، موجودًا بالفعل. لقد جرى تحديده، تقريباً، بحلول ذلك الوقت.
المحاور: هل كثيرًا ما تفكر في الموت؟
فوسه: لا، أعتقد بأنه كلما اقتربتَ أكثر، كبرتَ، قلَّ تفكيرك في الأمر. أعتقد بأن شيشرون هو من قال بأن الفلسفة هي طريقة لتعلم الموت. وأعتقد بأن الأدب هو أيضًا وسيلة لتعلم الموت. الأمر يتعلق بالموت بقدر ما يتعلق بالحياة. أعتقد بأن هذا له علاقة بشكل الأدب العظيم والفن. الفن يكون حيًا عندما تقوم بإنشائه، وهناك قارئ يمكنه إضفاء الحياة عليه لكنه بوصفه شيئًا يكون ميتاً.
المحاور: أصدرت حالياً المجلدات الثلاثة من كتاب (السباعيات) في كتابٍ واحد. هل تعتقد بأن هذا سيؤدي إلى تجربة قراءةٍ مختلفة؟
فوسه: عندما كتبت (السباعيات)، أعدّدته نصًا واحدًا. وقد اتفقت مع الناشرين على تقسيمه إلى مجلداتٍ منفصلة، لكنه يظل موحّداً. ما حدث مبكرًا في الجزء الأول يجري الرد عليه في الجزء السابع [الكتب الثلاثة مقسمة إلى سبعة أقسام]. هناك أجزاء وقطع مقترنة معًا بين الأجزاء المختلفة. على سبيل المثال، من الممكن قراءة الجزأين الأول والثاني فقط، أو حتى الجزأين الأخيرين فقط، ولا يزال بإمكانك الحصول على شيء منه. لكن بالنسبة لي، يكون موحّداً، ويجب أن يكون متاحًا في مجلدٍ واحدٍ شامل.
المحاور: كما هو الحال مع العديد من أبطالك، غالبًا ما يكون راوي (السباعيات) آسل، على الطريق. يكون السفر في بعض الأحيان كنايةً عن اكتشاف الذات، ولكنه أيضًا يمثل نقيضه، وهو اللاهدف. ماذا يعني ذلك بالنسبة لك؟
فوسه: عندما أجلس وأبدأ بالكتابة، لا أنوي أبدًا أن يحدث أي شيء. أستمع إلى ما أكتب، وما يحدث. وبطبيعة الحال، يمكنك تفسير ذلك بطرقٍ عدة. ليس من وظيفتي أن أشرح ذلك، أنا مجرد كاتب. تفسيري سيكون أقل قيمة من تفسيرك. ]يضحك. [لكنني أشعر بأنني إذا كنت أكتب بشكلٍ جيد، فهناك الكثير مما يمكن أن أسميه المعنى، أو نوع من الرسالة. لكن لا أستطيع أن أضعها في كلماتٍ بسيطة. لا أستطيع إلا أن أخمن بقدر ما تستطيع.
المحاور: لقد كتبتَ ذات مرةٍ في مقالٍ بأنه يجب عليك أن تحاول التغلب على اللغة، وأن تتجاوزها، حتى لا يكون هناك اختلاف ويمكن للمرء أن يصل إلى الله. هل حقًا بدون لغة يمكننا أن نقترب من الإلهي؟
فوسه: أنا خائف جدًا من استخدام كلمة "الله". نادرًا ما أفعل ذلك، ولا أفعل ذلك مطلقًا عندما أتحدث عن كتاباتي. والله كثر الكلام عني]. يضحك . [عندما أتمكن من الكتابة بشكلٍ جيد، هناك لغة ثانية صامتة. هذه اللغة الصامتة تفصح عما ما يدور حوله كل شيء. أنها ليست القصة، ولكن يمكنك سماع شيء ما وراءها - صوت صامت يتحدث. وهذا ما يجعل الأدب يعمل بشكلٍ جيد بالنسبة لي.
المحاور: الأجزاء السبعة من)السباعيات ( تشكل جملةً واحدة. كيف كانت عملية الكتابة تلك؟
فوسه: كل ما أكتبه يجب أن يكون عالمًا خاصًا به، تحكمه قوانينه الخاصة. عندما أكتب مثل هذا العالم، يجب أن أكون فيه بالكامل. بالطبع، يمكنني أخذ أوقات راحة، لكن يجب أن ألتزم بالعالم الذي أكتبه. ولعل الأهم هو إيقاعه. لا أستطيع حقاً أن أشرح ما أعنيه بذلك، ولكن هذا هو التدفق الذي يجب أن أتبعه. مسرحيتي الأكثر شهرةً هي)شخص ما سيأتي). أعتقد بأنني كتبت ذلك في أربعة أو خمسة أيام، ولم أغير أي شيء بعد ذلك. غالبًا ما يكون الأمر كذلك مع كتاباتي.
أما مع) السباعيات(، فالأمر قصة أخرى تمامًا. كتبت معظم هذا الكتاب وأنا أعيش خارج فيينا، حيث نمتلك أنا وزوجتي شقة في بلدةٍ صغيرة تسمى هاينبورج آن دير دوناو. كنت أكتب في وقتٍ متأخر من الليل حتى الصباح، من الخامسة إلى التاسعة صباحًا، وبعد ذلك أنام لمدة ساعةٍ تقريبًا. في العادة، لم أكتب في وقت ما بعد الظهر.
المحاور: لقد أطلق على عملك اسم "النثر البطيء"، لكن بالنسبة لنا، فأن الكثير من كتاباتك لا تبدو بطيئةً على الإطلاق. كيف تصف ذلك؟
فوسه: على الرغم من أنني بدأت شاعراً وروائياً، إلا أن انطلاقتي جاءت عندما بدأت في كتابة المسرحيات. كنت أكتب للمسرح فقط لمدة خمسة عشر عامًا، لقد كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، وكانت في البداية بمثابة مغامرة. كتبتُ المسرحيات بشكلٍ رئيس في فصل الصيف. قضيتُ بقية العام لكثيرٍ من الوقت، في السفر إلى المسارح في الخارج، وإجراء المقابلات، وما إلى ذلك.
ثم، فجأةً، شعرتُ بأن هذا كان كافيًا. توقفتُ عن السفر، توقفتُ عن الشرب، توقفت عن القيام بالكثير من الأشياء. قررتُ أن أعود من حيث أتيت، لأكتب) نمطي الخاص (من النثر والشعر. بعد أن أنهيتُ النص النثري الأول (اليقظة) (2007) ، لم أكتب شيئًا منذ سنواتٍ عدة. شعرتُ بالهشاشة إلى حدٍ ما، ولم أجرؤ على السفر لأن الكتابة هي نوع من الرحلة إلى المجهول. يجب أن أكون في المنطقة الحدودية، وهذا أمر جيد عندما أكون في حالةٍ جيدة وصحية، ولكن إذا كنت هشًا جداً، فهذا يخيفني.
بالمناسبة، أنا الملوم على مصطلح "النثر البطيء"] يضحك . [أردت أن أقارنه بالمسرحيات. مسرحياتي قصيرة نوعًا ما، وكنت دائمًا بحاجةٍ إلى كثافةٍ قوية للعمل بها. لا يمكنك الخوض في الأمور لمدةٍ طويلة، فالمسرح ليس كذلك. لكن بنثري، أردتُ أن أمنح كل لحظة الوقت الذي أشعر بحاجةٍ إليه. أردت أن تتدفق اللغة بطريقةٍ هادئة. أعتقد أنني تمكنت من القيام بذلك في) السباعيات (.
المحاور: هناك هذا المشهد الجنسي الوحيد الذي يشهده راوي (السباعيات) - أو بالأحرى يتخيله. هل شعرتَ يومًا بأنك متلصص على عقلك؟ هل سبق لك أن رأيت أشياء في عقلك وشعرت بأنه لا ينبغي لك رؤيتها؟
فوسه: نعم بالتأكيد. ليس في كل الأوقات، لكن لدي هذه القدرة أيضًا. كان من الرائع كتابة هذا المشهد في الملعب. لقد كنتُ ولا زلت سعيدًا جدًا بذلك. يرى "آسل" نفسه عندما كان أصغر سنًا وزوجته في علاقةٍ حميمة قبل سنوات، لكنه في الواقع كان في حضورهما الجسدي. وفي وقتٍ لاحق، يلتقي بهم ويتحدث معهم. يمزج كتاب) السباعيات (هذه الجداول الزمنية في إطارٍ واحد - وهذا هو التكامل المهم جداً. في الجزء الخامس أو السادس، ينظر آسل الأصغر من النافذة ويرى سيارة تمر بجانبه. هذه هي السيارة ذاتها التي يقودها آسل الأكبر سنًا، إذ أنه ذاهب إلى بيورجفين مع لوحاته. بالنسبة لي، هذه لحظة، والرواية بأكملها هي نوع من اللحظة.
المحاور: لقد كتبتَ دائمًا بلغة النينورسك، ولم تكتب أبدًا بلغة البوكمول، اللغة النرويجية الأخرى. هل كانت الكتابة في لغة النينورسك بمثابة عملٍ سياسي بالنسبة لك؟
فوسه: لا، أنها لغتي ببساطة. هذا ما تعلمته منذ أول يومٍ لي في المدرسة حتى مغادرتي، أي لمدة 12 أو 13 عامًا. أنها لغة أقلية، وهذه مجرد ميزة بالنسبة لي بوصفي كاتبًا. لا يجري استخدام هذه اللغة أبدًا في الإعلانات التجارية أو الأعمال التجارية كما هو الحال في الأوساط الأكاديمية والأدب والكنيسة. ونظرًا لأنها لا تُستخدَم كثيرًا، فهي تتمتع بنوعٍ من النضارة التي لا تتمتع بها لغة البوكمول السائدة. لقد كتب جيل دولوز وفيليكس جواتاري كتاباً بعنوان) كافكا: نحو أدب الأقلية) .1975 – عندما قرأته أحسست بأن الكتابة بالنينورسك تشبه إلى حدٍ كبير حالة كافكا] كتب كافكا باللغة الألمانية بدلاً من التشيكية السائدة- م. [
المحاور: في (السباعيات)، يتحدث الراوي كثيرًا عن الصوفي مايستر إيكهارت. غالبًا ما يُشار إلى إيكهارت على أنه كان له تأثير على الكتّاب المعاصرين مثل فلور جايجي وأنت. ما مدى تأثيره وجاذبيته عليك؟
فوسه: بدأت قراءة مايستر إيكهارت في منتصف الثمانينات. لقد كانت تجربة عظيمة. بعد تخرجي في الجامعة، قرأت له كثيرًا، إلى جانب مارتن هايدغر. شعرت بأنه كان مثل هايدغر، ولكن بطريقةٍ أعمق بكثير. إيكهارت هو الكاتب الذي أثر فيّ أكثر من غيره. لديه رؤية خاصة به تماما. في مراهقتي، كنت ماركسيًا وملحدًا غبيًا نوعًا ما، وكان هذا أمرًا طبيعيًا في تلك الأيام بالنسبة للمثقفين الشباب الطموحين. لكن في عملية الكتابة، كان هناك شيء لم أستطع فهمه تمامًا، ثمة شيء من الغموض: من أين يأتي؟ أنه لا يأتي من هنا [يشير إلى قلبه]. لا، أنه من هناك. بدأت أؤمن بالله بوصفي شخصًا، بطريقةٍ ما. أنا أسمي نفسي مؤمنًا بالله، بوصفه وجودًا هناك وفي الوقت نفسه هنا. لكن مثل إيكهارت، لم يكن لدي أية دوغمائية.
شعرتُ بالحاجة إلى مشاركة طريقة الإيمان هذه مع شخصٍ آخر، لذلك ذهبت إلى الكويكرز (2). انت في دائرة صامتة، وإذا شعرت بأن لديك شيئًا مهمًا لتقوله، فقله. إذا لم يكن الأمر كذلك، عليك فقط التزام الصمت. وفي مرحلةٍ معينة، لم أشعر بالحاجة لذلك بعد الآن. شعرت بأن كتابتي كانت بمثابة "اجتماعي الصامت" أو طريقتي في أن أكون من الكويكرز- طريقتي في الصلاة.
ثم كنت مجرد كاتبٍ لسنواتٍ عديدة، ولم يكن لدي مَنْ أشاركه معتقداتي. في منتصف الثمانينيات، ذهبت لحضور قداسٍ في كنيسةٍ كاثوليكية في بيورجفين، وأعجبني ذلك، لدرجة أنني بدأت بحضور دورةٍ لأصبح كاثوليكيًا - نعم، مثل آسل، بشكلٍ أو بآخر. وبعد سنوات عديدة فقط، قررت التحول إلى الكنيسة الكاثوليكية. لم أكن لأتمكن من فعل ذلك لولا مايستر إيكهارت وطريقته في أن أكون كاثوليكيًا وصوفيًا.
المحاور : هل ترى نفسك كاتبًا كاثوليكيًا وصوفيًا أيضًا؟
فوسه: هذا الجانب الغامض له علاقة بالمرحلة حينما كنت في السابعة من عمري وعلى وشك الموت. لقد حصلتْ حادثة. رأيت نفسي من الخارج، في ما يشبه الضوء المتلألئ، مسالماً، في حالةٍ سعيدة جداً، وأنا متأكد تمامًا من أن تلك الحادثة، تلك اللحظة، تلك التجربة القريبة من الموت هي التي شكلتني كاتبًا. وبدون ذلك، أشك في أنني كنت سأصبح كاتباً. أنه أمر أساس تماماً بالنسبة لي. لقد فتحت هذه التجربة عيني على البعد الروحي للحياة، ولكن كوني ماركسيًا، حاولت إنكار ذلك بكل ما أستطيع.
كتابتي هي التي ما غيّرت رأيي. كلما كبرت، شعرتُ بالحاجة إلى مشاركة معتقداتي مع الآخرين. لقد شعرتُ بذلك بطريقةٍ جيدة وسلمية في القداس الكاثوليكي. أنا أفضّل القداس الأرثوذكسي، لكن بالنسبة لشخصٍ غربي، من الصعب جدًا الدخول في العقلية الأرثوذكسية، فالمراجع مختلفة تمامًا. كنت أعرفُ الكثير عن الكنيسة الكاثوليكية إذ أنني لم أستطع الانتقال إلى الكنيسة الأرثوذكسية.
المحاور : يقال بأنّ بعض المؤلفين الذين جرت مقارنتك بهم هم كتّاب "الخيال الميتافيزيقي". هل تعدُّ نفسك واحداً منهم؟
فوسه: لقد جرى تصنيفي كثيرًا بأنني أنتمي إلى ما بعد الحداثة، والبساطة، ووصفتُ نفسي كاتب) النثر البطيء). لا أريد أن أسمّي نفسي أي شيء. أنا أسمي نفسي مسيحياً، لكن الأمر صعب جداً بالنسبة لي. أنه اختزالي جداً. بطريقةٍ ما، أنا من اتباع التبسيطية(2) بالطبع، وبطريقةٍ أخرى، أنا من أنصار ما بعد الحداثة، لقد تأثرت بجاك دريدا. لذلك، هذا ليس خطأ بالضرورة، لكن لا يمكنني أبدًا استخدام مثل هذا المفهوم في كتابتي، كما لو كنت أقول: "الأمر كذلك ".
المحاور: هل كان تحولك مشابهًا لتحول "آسل "؟
فوسه: من الشائع جدًا هذه الأيام استخدام الأشياء التي اختبرتها في كتاباتي وكتابتها بشكلٍ أقرب إلى الواقع قدر الإمكان، كما تفعل آني آرنو (3) . قرأتُ هذه الرواية القصيرة لـ "آرنو" بعنوان) شغف بسيط)-1991 وقد أعجبتني - رواية لا بأس بها تمامًا. لكن بالنسبة لي، من المستحيل تمامًا استخدام تجاربي الخاصة بهذه الطريقة، لأن الكتابة تدور حول التحوّل. أستمعُ إلى عالمٍ مختلف عن عالمي، والكتابة هي وسيلة للهروب إلى هذا الكون. هذا هو الشيء العظيم في ذلك. أريد أن أبتعد عن نفسي، لا أن أعبّر عن نفسي.
أنا أستخدم حياتي الخاصة بطبيعة الحال. أنا أعرف ما أتحدّث عنه. ومع ذلك، فأن (السباعيات) هي مجرد اختراع، ولم أكن رسامًا أبدًا. أنا أستخدم حياتي الخاصة وما قرأته كمادة، وليس كشيء أريد أن أكتبه بطريقة واقعية. كل شيء يتحول. عندما أكتب، تصبح تجربتي لا شيء، وسطحية. تجاربي ليس لها أجنحة، لكن عندما أكتب بشكلٍ جيد، أتمكن من جعلها تطير. أنا على الجانب الآخر من "الرواية الذاتية " - أنا ببساطة أكتب الرواية.
المحاور: ما رأيك بما يَطلق عليه الناس الخيال الذاتي؟
فوسه: يقرأها بعض الناس بهذه الطريقة، ولكن بمجرد أن تعرف القليل عن حياتي، ستعرف بأن الأمر ليس كذلك. إذا كتبت عن أم، سيعتقد الكثيرون بأنني أكتب عن والدتي، لكنني لم أفعل ذلك قط ولن أفعل ذلك أبدًا. لا يسمح لي أن أفعل ذلك. لا أستطيع استخدام حياة إنسانٍ آخر في خيالي. يمكنني استخدام السمات، ولكن لا بد لي من تحويلها. هناك شيء غير أخلاقي تماماً فيما يتعلق بالرواية الذاتية.
المحاور: لماذا عدت إلى الكتابة المسرحية؟
فوسه: بعد كتابة )السباعيات)، شعرتُ بالحاجة الشديدة إلى كتابة مسرحية مرةً أخرى. تشعر بهذا الفراغ عندما تنتهي من كتابٍ كبير، وفكرتُ، لماذا لا أكتب مسرحية؟ لم تكن طموحة، بل مجرد قطعةٍ قصيرة، لذلك كتبت واحدة بعنوان (الرياح القوية .( بعد أن كتبت تلك المسرحية، قادت إحداها إلى الأخرى. حتى أنني كتبت مسرحية رابعة لم أنشرها بعد. أنها مرمية على طاولتي هنا. في المستقبل، لن أعود أبدًا إلى كتابة المسرحيات بالطريقة التي كنت أفعلها، فقط بين الحين والآخر.
المحاور :تكتب في (السباعيات)، "ما هو جميل في الحياة يصبح سيئًا في اللوحة لأنه يبدو بأن هناك الكثير من الجمال". هل يمكن أن يكون هناك شيء مثل الكثير من الجمال في الأدب؟
فوسه: نعم أعتقد ذلك. يمكنك كتابة قصيدة مثالية بكل الطرق، وعندما تقرأها، تكون جميلة، لكن ينتابك شعور بأن الكتابة ذكية فقط، لكن بلا روح. الوجه الجميل ينطوي على شيء خاطئ فيه. هذه الوجوه المتماثلة في الإعلانات قبيحة بالنسبة لي. الجمال في ما هو خطأ، حتى في الأدب والفن.
الهوامش:
(1( مجموعة من المسيحيين البروتستانت نشأت في القرن السابع عشر في إنكلترا على يد جورج فوكس. الكويكرز تتركز على تأكيد طابع تعاليم يسوع، بل أنّ عقد المؤمنين تلقي التوجيهات الإلهية من ضوء الداخل، بدون مساعدةٍ خارجية أو وسطاء أو شعائر. الاسم الشائع لجمعيّة الأصدقاء الدينيّة هو الكويكرز الذي يُطلق على أعضاء جمعية الأصدقاء الدينية في الغرب. ويطلق عليهم أيضًا الصاحبيون، وقد نشأت النزعة الصاحبية في إنكلترا في القرن السابع عشر الميلادي، أما اليوم فأن معظم أتباعها يقطنون الولايات المتحدة، ويوجد في إنكلترا وكينيا العديد منهم، وتوجد جماعات أصغر في معظم أنحاء العالم.
) 2) Minimalism هو العمل الفني الذي يستخدم البساطة والقليل من العناصر لخلق تأثيرٍ كبير.
)3 ( كاتبة فرنسية فازت بجائزة نوبل2022 .
المصدر:
Los Anglos book Review