دراسات وبحوث
وظيفة تاريخ الأدب
دراسة في مجلة الثقافة الأجنبية العدد الأول /1983/ السنة الثالثة
وظيفة تاريخ الأدب
وظيفة تاريخ الادب هي ان يكشف تاريخ الانسان كما يكشف عنه الادب
/ روبرت سبللر
روبرت سبلر
Robert E. Spiller
ترجمة: د. سلمان الواسطي
عن الانكليزية
محتويات البحث
- ميدان تاريخ الادب
- نحو نظرية لتاريخ الادب
- النظرية الاولى
- النظرية الثانية
- النظرية الثالثة
- النظرية الرابعة
- مصادر الادب
- الافكار
- الثقافة
- المؤسسات السياسية الاجتماعية
- التقليد والاسطورة
- السيرة
- صياغة تاريخ الادب
- اللغة والشكل
- الفترات والحركات الادبية
- الادوات ومسارد الكتب
- طرائق تاريخ الادب
- البحث التاريخي
- النقد التاريخي
يعنى تاريخ الادب بأحد أشكال التعبير الانساني , فيصف ويفسر (( التعبير)) الذي يتخذ (( الادب )) وسطاً له , الذي يبدعه شعب من الشعوب خلال فترة زمنية محددة وفي مكان معين وبلغة هي ، عادة ، لغة ذلك الشعب . ويختلف تاريخ الأدب عن بقية انواع التاريخ في كون الأدب نوعاً مميزاً من انواع التعبير اللغوي ولسنا بحاجة الى, الوقوف لتعريف مصطلح ((الادب)) بأكثر من قولنا انه يشير , حيثما ورد في هذه المقالة فن محدد هو فن استخدام الكلمة ، وليس الى كل ما يخلف أو يحتفظ به من الكتابات.
ان تاريخ الادب ليس تاريخاً للغة , مع ان اللغة التي يكتب بها عمل ادبي ما قد تكون العامل الاول والحاسم في تحديد مكانته , لهذا لايستطيع مؤرخ الادب ان يباشر عمله مالم يسبقه عالم اللغة التاريخي وعالم اللغة الوصفي (اللساني او عالم اللسانيات) الى الوصول الى تعريفات دقيقة وواضحة للغة .
وهو ليس تحقيقاً للنصوص ، مع انه ينبغي ان ينطلق من مسلمة مفادها ان بعض النصوص موثوق به وبعضها الاخر ليس كذلك ، وان بعض النصوص افضل من غيره، لهذا ينبغي أن يعتمد تاريخ الادب على مكتشفات تحقق النصوص او نقدها ليفسر العلاقة بين نصين لعمل ادبي واحد ، او لنصوص متعددة لعملين ادبيين او اكثر.
وليس تاريخ الادب نقدا ادبيا مع انه ينبغي ان يعتمد على الناقد الادبي لتشخيص الاعمال التي يريد التعامل معها ولتقويمها كأعمال ادبية كي يستعيد تلك الاعمال التي لا تدخل ضمن مفهوم (( الادب )) ، وليقيم التسلسل اللازم من العلاقات الطبقية والعلاقات الاخرى من القيمة الادبية بين الاعمال التي سيستخدمها كمادة اولية لوصفه التاريخي .
قد يكون مؤرخ الادب ملما .. بل يتحتم عليه ان يكون ملما ، بدرجة او اخرى بميادين عمل اللساني وناقد النصوص والناقد الادبي ، ولكن دوره كمؤرخ ادبي يختلف تماما عن ادوار اولئك ، اذ ان وظيفته الدقيقة المحددة هي ان يجيب عن اسئلة مثل : كيف؟ ومتى ؟ وأين ؟ ولماذا ؟ ظهر او يظهر عمل ادبي الى الوجود ، وماهي علاقاته الحالية او الماضية بالأعمال الادبية الاخرى ، وبالتاريخ العام للانسان باعتباره كائنا اجتماعيا حساسا .
وخلاصة القول هي ان مؤرخ الادب واحد من بين عدد من المؤرخين الاخرين، كألمؤرخ السياسي والمؤرخ الاقتصادي والمؤرخ الفكري والمؤرخ الحضاري وغيرهم، أما وظيفته فهي أن يكتب تاريخ الانسان كما يكشف عنه الادب ، مثلما يكتب المؤرخون الاخرون تاريخ الانسان لما يكشف عنه نظام الحكم او التجارة او الافكار او الرسوم او العمارة او اي (( تعبير )) انساني اخر ، شكلا او فعلا . لهذا السبب ، فان المؤرخ الادبي يتعرض ، كما يتعرض المؤرخون الاخرون الى المشاكل الاساسية في كتابة التاريخ ، وله ان يترك للاخرين مشاكل النظرية الادبية وطرق التحليل والتقويم النقدي .
قد لا يكون (( الاخرون )) ، بالطبع ، سوى الجوانب الاخرى من جوانب صفته كباحث علمي . ان مؤرخ الادب ، باعتباره باحثا يحاول رسم حدود ميدان عمله وواجباته، قد يحار في تحديد الخطوط الدقيقة الفاصلة بين الادب والثقافة العامة ، بين اللغة والادب ، بين التاريخ والنقد ، بين تحليل النصوص ونقدها ، بل وقد يحار حتى تحديد الخط الفاصل دور الباحث العلمي ودور الفنان المبدع ، لكن بعد ان يقرر دوره الاساسي كمؤرخ ادبي ، فان عليه ان يقرر كذلك اين تبدا مسؤوليته المهنية ازاء موضوعه واين تنتهي ، ماهي انواع المشاكل المترتبة على دوره كمؤرخ ادبي ،وماهي المواد التي يحتاج اليها وهي والتي عليه ان يكشفها او ان يجمعها وماهي الطرق التي تكون افضل من غيرها لأنتاج المعلومات التي أخذ على عاتقه ان يحصل عليها . وكما ان عليه ان يعتمد على نتائج الابحاث في الميادين الاخرى ، سواء اقام بها بنفسه ام لجأ الى الباحثين الاخرين لتعزيز تحرياته ، فان الاشكال الاخرى للبحث الادبي تبقى ناقصة مالم يمدها هو بالبعد التاريخي ، اذا ليس ثمة فعل في التجربة الانسانية او حقيقة من حقائقهما لايكون له تاريخ .
2 ـ نحو نظرية لتاريخ الادب
ربما كان المؤرخ اقل اتفاقاً من غيرهم من الباحثين حول طبيعة موضوعهم وكيفية ممارسته . واذا اردنا التعرف على طبيعة التاريخ الادبي فعلينا ، في اقل الخلافات.
مع ان المؤرخين يختلفون حول العديد من القضايا النظرية ، الا انهم يتفقون عادة بأن هناك مسألتين رئيستين تستقطب حولهما تلك الخلافات : الاولى تتعلق بطبيعة المواد التي ياخذون على عاتقهم تسجيلها وتفسيرها . وتتعلق الثانية بأدوارهم كجامعي بيانات وثائقية من جهة ، وكعقول قادرة على تفسير تلك البيانات من الجهة الثانية .
وبامكان تضييق شقة الخلاف حول هذه المسائل بالاتفاق :
( اولا ) على ان التاريخ ليس مجرد سجل للحقائق والوقائع لذاتها ، وانما هو سجل للتجربة الانسانية مع تلك الحقائق ، لهذا ينبغي على التاريخ ان يعني بالاحداث ، اي بما حدث وليس فقط بما كان .
( ثانياً ) على ان المؤرخ لايستطع ان يكون موضوعيا تماما ، وان تحيزه ، مهما كانت درجته وسواء اكان فردياً ام شاركه به اخرون ، ينبغي ان ينظر اليه نظرة موضوعية باعتباره احد العوامل المؤثرة في كتابته التاريخ ، ولهذا يجب اخذه بنظر الاعتبار عند تقويم النتائج .
هناك نظرتان حول موضوعية المؤرخ : النظرة اليقينية التي كانت سائدة خلال القرن التاسع عشر القائلة ان الموضوعية ممكنة التحقيق ، نظريا في الاقل ، عند كتابة التاريخ ، لهذا ينبغي ان يضعها المؤرخ دائما نصب عينه ، والنظرة المقابلة لها تماما وهي النظرة النسبية والحديثة التي يعبر عنها البرفسور السير جورج كلارك في مقدمته العامة للطبعة المعدلة من كتاب : كيمبرج للتاريخ الحديث بقوله .
(( معرفتنا بالماضي وصلت لعملية تفاعل مع الذهن الذي عبرت خلاله ، لذلك فان ، الحقيقة التاريخية الموضوعية ،شي لا وجود له .)) وسواء اتخذنا موقفا وسطا او انحرفنا نحو احدى هاتين النظرتين ، فان علينا ان نتقدم نحو مهماتنا الخاصة في تحديد طبيعة الاحداث الادبية ودور المفسر الادبي لتلك الاحداث ، متذكرين ان مادتنا هي الادب واننا، كمؤرخي ادب ، نمارس فن كتابة الادب ومناقشته في ان واحد (اعنى بعبارة (( فن الكتابة )) عموم العملية الابداعية التي تنتهي بعمل فني متكامل وليس مجرد مايسمى (( فن )) الاسلوب النثري السليم او الجيد ) . لهذا فان التاريخ الادبي ادبي من جهتين : فهو ، من جهة ، يتعامل مع مادة الادب ، ولهذا فعلية ان لايكتب بأي مصطلح الادب ، وهو ، من الجهة الثانية ، شكل من اشكال الادب ، لهذا فهو فن وليس علما ، رغم ما قد يشارك العلم به من هدف مثالي في اكتشاف الحقيقة وتسجيلها بدقة ، رغم ما قد يشارك العلم به من هدف مثالي في اكتشاف الحقيقة وتسجيلها بدقة ، ورغم ما قد يستعيره من العلم من طرائق كشف بيانات ابحاثه واختيارها وتصنيفها.
ان تضييق حقل بحثنا وحصره بمشكلتين فقط هما تحديد طبيعة الاحداث الادبية وتحديد دور المفسر لها هذا التضييق لا يحل ، بالطبع ، هاتين المشكلتين ذلك لان الاراء تحتلف كثيرا حول ماهية الاحداث الادبية ، وحول كيفية ربط بعضها بالبعض الاخر في قالب تاريخي ، كما تختلف الاراء حول ماهية فن التريخ الادبي وكيفية ممارسته .
ستكون هاتان المشكلتان ، خاصة المشكلة الاولى ، المحور الذي يدور حوله ماتبقى من هذه المقالة .
من اجل ان يبدا المؤرخ الادبي ابحاثه وكتابته ، فان عليه ان يصنع اولا فرضية عمل يحدد ويعرف فيها ماهية الحدث الادبي وكيفية ربطه بالاحداث الادبية الاخرى . ولن يعترض عليه الكثيرون اذا افترض ان الحدث الادبي ، وهو الوحدة التي سيتعامل معها ، هو اي عمل مكتوب يقبله نقاد الادب كنتاج من نتاجات ((فن الادب)) اي كعمل ادبي.
تكون مهمة المؤرخ الادبي ، بعد ذلك ، تجميع كل تجميع كل الاعمال (ضمن حدود الفترة التي يدرسها ) لتي يعترف بها النقد الادبي كنتاجات أدبية ويربطها البعض بالبعض الآخر حسب تسلسل زمني تقريبي . لكن مشاكله كلها تبدأ هنا . هل يكفي ان يعتبر كل عمل ادبي خرزة في مسبحة ويقوم بمجرد نظمها في مكانها المناسب بين بقية الخرز ؟ هل أن للعمل الادبي المنجز وجودا موضوعيا نهائيا منعزلا عن الفنان الذي ابدعه ؟ عن الثقافة التي جهزت مادة التجربة التي دخلت في تأليفه ؟ ، عن الجمهور الذي تسلمه وقراه عند ظهوره ، وعن قرائه في ثقافات أخرى وأماكن أخرى وأزمنة اخرى ؟ ان تعريف (( الحدث الادبي )) باعتباره (( العمل الادبي المنجز)) انما هو تبسيط مخل للمشكلة ، ذلك لانه يفتح بابا واسعا لتساؤلات عديدة أخرى كلها سليمة وكلها جديرة بالاعتبار . ان للعمل الادبي باعتباره حدثا ، علاقات زمانية ومكانية وبشرية ، اما مظهره السكوني الراكد فهو مظهر خادع وغير صحيح. وهنا تثار مجموعة من الاسلئة : هل يرتبط عمل ادبي بعمل ادبى اخر لمجرد انهما يقعان ضمن تسلسل زمني واحد ؟ ام هل أن علاقة كهذه العلاقة انما هي علاقة عرضية ؟ هل يساعد عمل ادبي على خلق عمل أدبي اخر واعطائه شكلة ؟ أم هل أن مسببات الخلق والابداع تقع خارج العمل الادبي نفسه وتكمن في التجربة التي يعبر عنها ؟ وهل تتدخل في التجربة تجربة القاريء والناقد ؟ ام هل ان فكرة الروابط او العلاقات برمتها فكرة خاطئة خادعة؟
وهناك اربعة اجوبة في الاقل عن هذه الاسئلة ، وكل جواب من هذه الاجوبة يمثل نظرية او فلسفة عمل لتاريخ الادب.
تفترض النظرية الاولى ان تاريخ الادب يعنى باكتشاف الاعمال الادبية المنجزة في الماضي وبتعريفها ووصفها حسب تسلسلها التاريخي في سياق الزمان والمكان والمؤلف دون تقصي أو محاولة تفسير العوامل التي احدثتها بعضها على البعض الاخر او على القراء . ان هذا النوع من تاريخ الادب الوصفي والسردى مبي على اقدم المفاهيم واكثرها تبسيطا ، وهو المفهوم الذي ينظر الى الزمن باعتباره تراكمات على خط مستقيم ورغم ما بهذه النظرية من نواقص لا تؤهلها ان تكون نظرية نهائية ، الا انها تظل منطلقا لفرضيات وطرائق عمل اكثر تعقيدا واكثـر اقناعا.
والنظرية الثانية لا تعنى بوصف الاعمال الادبية المنجزة في الماضي وتعريفها حسب ، وانما تعنى كذلك بتفسير مصادر كل منها واسبقيته وتأثيراته في الاعمال الادبية التالية له . ان المصادر والتأثيرات التي تأخذها هذه النظرية بنظر الاعتبار هي مصادر وتأثيرات أدبية بحته ، اي تأثير الاعمال الادبية بعضها في البعض الاخر وهذه النظرية تتقدم خطوة واحدة على سابقتها ، ذلك لانها تعترف بالعوامل المسببة التي بنيت عليها كل الكتابات التاريخية خلال القرنين الماضيين ، لكنها تفرض تقييدات ضيقة ، وربما مشكوكا بصحتها ، على المسببات والتأثيرات التي يمكن لمؤرخ الادب الافادة منها في بحثه ان هذه النظرية تفترض ضمنيا ان الاعمال الادبية تحصل في توال سببي على مستوى خاص بها دون اعتبار لعلاقاتها أو ارتباطاتها بخالقيها أو بقرائها . لقد اثبت جيلان في الاقل من الباحثين ان هذا الافتراض هو افتراض سليم في حدود المهام المرسومة له ذلك الافتراض تعرض للتشكيك بدقته خلال السنوات القليلة باعتباره من الضيق والتقييد بدرجة قد تجعل نتائجه مضللة أو خاطئة ، ذلك لان هذا الافتراض يهمل انواعا اخرى من المصادر غير الادبية مما قد يكون له تأثير كبير في العمل الادبي . ان هذه النظرية ، في اقصى درجات تطرفها ، تحيل الفنان المبدع الى شخص لا يفضل السارق او (( المنتحل )) . الادبي الا قليلا.
اما النظرية الثالثة فانها لا تعني بوصف الاعمال الادبية المنجزة وتعريفها ولا بتفسير مصادر كل منها واسبقيته وتأثيراته في الاعمال الادبية التالية له حسب ، وانما تعنى كذلك بتفسير مصادر كل عمل ادبي مما يمكن استقاؤه من تجربة الفنان الذي أبدعه ومن الثقافة التي كان ذلك الفنان جزء منها وتذهب هذه النظرية أبعد من هذا ، الى تفسير تأثيرات كل عمل ادبي في كل قاريء او مجموعة من قرائه ، وفي الثقافات التي يكون أولئك القراء اجزاء منها ونظرا لان البقية الباقية من هذه المقالة ستتناول هذه النظرية بالتحليل والمناقشة ، فسنكتفي هنا بهذا القدر من التعريف بها ، مضيفين شيئا واحدا هو انه مهما بدت هذه النظرية مرعبة لاتساع مدى حقلها وتعدد متطلباتها ، الا ان المؤرخ الادبي لا يستطيع تجنب تحدياتها ان هو اراد البقاء في ميدان التاريخ الادبي . والنظرية الرابعة والاخيرة تمثل تطورا حديثاً في النظرة الى تاريخ الادب ، وهي نظرة ترتبط ارتباطا وثيقا بمفاهيم الزمن التي تتحدى السببية التاريخية هذه النظرية ، باحتفاظهم بقاعدة زمنية ، رغم استعاضتهم عن النظرة التدرجية أو التقدمية لتجارب الانسان في الماضي بنظرة دورية ، يوسعون النظرية السببية انفة الذكر باضافة مصدر جديد يتمثل في التعامل مع الحدث الادبي في ضوء مجردات مثل (( الاسطورة )) و (( الرمز )) .(( القيمة )) و ((المفهوم )) ، وبهذا فانهم يوسعون ويعمقون فهم المؤرخ لطبيعة الادب ، وبالتالي ، للحدث الادبي الذي يتعامل معه .
ان النظرية النسبية في العلوم الحديثة تميل بشكلها المتطرف ، الى تعويض الزمن التاريخي بشكل من اشكال الزمن ( السايكولوجي) ، والى دمج الماضي في الحاضر والمستقبل ، كما ينعكس بشكل واضح في اعمال ((اليوت)) و ((جويس)) وكتاب معاصرین آخرین . يحف بهذه النظرية احتمال ايصالنا الى نقطة تتوقف عندها الحقيقة التاريخية ((الموضوعية )) وتحل محلها صيغة من صيغ الحقيقة ( الذاتية ) . لهذا ، فمهما بلغت نظرة كهذه النظرة الصحة في عالم تسوده النظرية النسبية بشكل مطلق ، ومهما بلغت من الاهمية في التحليل النقدي السائد هذه الايام ، فانها ينبغي ان تدخل ميدان مؤرخ الادب فقط عندما تستبقي نوعا من الاهتمام بالعلاقات السببية فتقدم بذلك خيطا مناسبا تنظم عليه أحداث التاريخ الادبي ، لكنها في النقطة التي تستعيض بها عن مفهوم الزمن المتوالي بمفهوم الزمن الثابت او الدوري فانها تتحول من ميدان تاريخ الادب الى ميدان النقد الادبي وتصبح عديمة النفع المؤرخ الادب الا حالة واحدة هي انها تعينه في تحديد او تعريف بعض الاحداث التي سيتعامل معها باعتبارها اعمالا ادبية ، وليست ((الاساطير)) منها ، ذلك لان يتعامل معها باعتبارها الاساطير نوع من (( المواد الاولية)) التي يصنع منها الادب (انظر مناقشة الاساطير في القســم الثالث من هذه المقالة ) .
3- مصادر الادب
اذا كانت مهمة مؤرخ الادب الاساسية هي (( تواريخ حياة )) الاعمال الادبية وتفسيرها ، فان عليه ان يضع بعض الافتراضات حول انواع المصادر التي سيتعامل معها . انه قد يطلب من الناقد الادبي ان يحدد له الكتابات التي تدخل ضمن فن الادب ، وأن يرتبها له ترتيبا طبقيا متدرجا ، وقد يطلب من محقق النصوص ناقدها ان يزوده بالنصوص الموثوق بصحتها ، ومن مؤرخ اللغة ان يصف له المصطلح اللغوي الذي عبرت الاعمال الادبية عن نفسها خلاله وان يفسره له ، ولكن عليه ، قبل كل شيء ، أن يقرر ما اذا كانت الاعمال الادبية موضوع بحثه كائنات عضوية حية أو مجرد اشياء سكونية راكدة واذا اراد مؤرخ الادب أن يفترض ان التاريخ (( عملية )) وليس مجــرد (( تعاقب)) او (( تتال )) للاحداث ، ، فان عليه ان يفترض كذلك ان كل عمل ادبي انما هو كائن عضوي حي خلقه فنان من مواد تجربته في زمن محدد وفي مكان محدد ، وان ذلك العمل قد تأثر ، تشكيلا وتحويرا ، بالظروف التي عاش الفنان في ظلها وعمل في محيطها ، لكنه، بعد ذلك ، اصبح يمتلك حياة خاصة به ، لها علاقاتها بسامعيه او قارئيه، بمعزل عن حياة الفنان الذي ابدعه .
ان اهتمام مؤرخ الادب ينبغي ان ينصب على العملية الابداعية برمتها وليس فقط على الشكل والمضمون السكونيين للعمل المنجز ، رغم ان ابحاثه يجب ان تبدأ بالعمل الادبي نفسه وتنتهي عنده . وغالبا ما تصبح العوامل ذات العلاقة بحياة المؤلف الخاصة او الظروف التي احاطت ظهور العمل الادبي او علاقاته ، شكلا ومضمونا ، بأعمال اخرى أو بالتاريخ اللاحق لذلك العمل بالذات ، غالبا ما تصبح هذه العوامل لذاتها على درجة من الاثارة للباحث بحيث انه ينسى مبررات دراستها وصلتها بموضوع دراسته فيتحول الى مؤلف سير او اثاري او متعقب اسرار وخفايا او اي شيء اخر الا مؤرخ ادب ، ان الاخفاق في ربط مكتشفاته في تلك المجالات بالعمل الادبي نفسه انما هو اخفاق خطير خطورة المبالغة في ربط اكثر مما يلزم من الظروف المحيطة بعملية الخلق أو المتحكمة بها. ان موقف مؤرخ الادب ازاء العمل الادبي ينبغي أن يكون كموقف لاعب الكرة من الكرة ذاتها : عيناه تتابعان حركتها وذهنه منصرف الى احتساب توقيت تلك الحركة ومسافاتها .
ولهذا ينبغي على مؤرخي الادب ان ينموا لديهم تخصصات ثانوية ، فيكون احدهم فيلسوفا او نفسانيا هاويا ، ويكون ثان مؤرخا سياسا او دينيا ، ويكون اخر منتبعا للمسرح أو الطباعة أو وسائل الاعلام ، ويكون رابع لسانيا ، واخر مهتما بعلوم ثانوية مثل الكتابة اليدوية والخط والعلامات المائية للورق وفن تجليد الكتب ، ويكون اخر مهتما بالفنون الموازية لفن الادب مثل الرسم والعمارة والموسيقى . وليس هناك في الواقع حد للعوامل التي تسهم بشكل او باخر في توضيح عمل ادبي ما وترصينه ، ولكن عندما تبرز تلك العوامل الثانوية الى المقدمة وتصبح عوامل اساسية ، فان الباحث يبقى باحثا محترما لكنه لا يمكن ان يسمى (( مؤرخا أدبيا )). وقد يكون الادب ذاته جزء من المواد الوثائقية للمؤرخ الاجتماعي او الفكري او . الحضاري ، لكن على مؤرخ الادب ان يتحرز من الانجرار نحو تلك الحقول لذاتها والنظر الي الادب باعتباره سببا وليس نتيجة للعملية التاريخية . أن العلاقات بين والمجتمع او الثقافة هي طريق ذات ، لكن مؤرخ الادب الحق هو الباحث الذي يعود الى دربه الرئيس ، اي الى العمل الادبي ذاته، مهما تجول بعيدا عنه ومهما سلك من مسالك غير مباشرة .
يطرح احيانا رأي يقول ان العوامل المسببة او المكيفة لا تكون ذات اهمية الا للاعمال الدنيا او الاعمال التي لا ترتقي الى مستوى الأدب ، وان العمل الادبي العظيم يرقى او يسمو فوق ظروفه نظرا لشموليته والقوى الابداعية الفريدة التي خلقته .
ان رأيا كهذا الرأي لا يمكن تبريره الا على انه (( باطنية )) لاعقلانية، لهذا فلا شغل لمؤرخ الادب بها ان على مؤرخ الادب ان يدرك ان العمل الادبي يكون أكثر تعقيدا ويطرح امامه تحديا اكبر كلما ازدادت عظمته وكلما توسعت افاق شموليته بظهوره وكأنه يرقى فوق ظروفه المحلية وفوق محيطه المباشر . ان العوامل السببية لم تختف بمجرد تساميه ، لكنها اصبحت اكثر تعقيدا ، لهذا فان اقصى هدف واسماه بالنسبة لمؤرخ الادب هو ان يساعد في تفسير مسببات وجود الاعمال العظيمة او الروائع الادبية العالمية في شموليتها . انه قد يترك الاعمال الادبية الادنى لمؤرخين آخرين ليستعملوها كوثائق ، او قد يقوم هو نفسه بدراستها باعتبارها امثلة للعملية الابداعية ذاتها استطاعت انتاج روائع عالمية من نمط هاملت و موبي دك و دون كيشوت و الاخوة كارامازوف . ان أهمية روائع الأدب العالمي بالنسبة لمؤرخ الادب لاتقل عن اهميتها للناقد الادبي ، اذ ينبغي ان تكون هذه الروائع طريدته الكبرى رغم انه قد يكتفي احيانا بالصيد التي الصغير .
بعد طرح هذه التحفظات ، ننتقل الى تلك العوامل التي تسهم في ايجاد الاعمال الادبية ، التي تشكل ، لهذا السبب ، الاهتمام الشرعي لمؤرخ الادب . واهم هذه العوامل هي :-
أولا : الأفكار
يستقي الادب من الافكار السائدة في زمن انتاجه وفي مكانه بقدر ما يصب فيها ، أي ان العلاقة بينالادب والافكار علاقة اخذ وعطاء . ولهذه الافكار تاريخها الخاص بها ، كما ان بعضها تكون لها هيمنة اكبر من البعض الآخر، ، وتكون للافكار الدينية والسياسية ، عادة ، التأثير الاقوى في الكاتب او في مجرى التاريخ الادبي ، ذلك لانها ، التجارب الاقرب الى الحياة اليومية المباشرة . وهكذا فقد ج يتفاعل الكاتب " لا يخفى ان المؤلف يشير هنا الى الكاتب الغربي . ( المترجم) " اخذا وعطاء بالمذاهب الدينية والسياسية السائدة مثل (( الكالفنية )) "مذهب بروتستانتي منسوب الى مؤسسه الفرنسي (جون كالفن) ١٥٠٩ - ١٥٦٤ ، وخلاصته ان قدر الانسان مرسوم له قبل ولادته (المترجم)" و((الكاثوليكية )) و((العقلانية )) و ((التقدمية)) و((الشيوعية)) كما قد يتفاعل الكاتب مع آراء ((ديكارت )) أو ((لوثر )) أو (( لوك)) أو ((نيوتن )) أو ((دارون )) أو (( ماركس)) أو ((فرويد )) باعتبارها من مكونات بيئته الفكرية ، وسواء أكان الكاتب ناقدا لهذه الافكار أو داعية لها أو مجرد دارس لها ، فان أي تعليق لـه عليها . قد يؤثر في أفكار الاخرين. ان بالامكان اعتبار أعمال ((شكسبير )) بأكملها انعكاسا للتفكير السياسي الانكليزي زمن الملكة اليزابيث الاولى أو تعليقا عليه . أما أعمال ((هوثورن)) فهي جزء من تاريخ ((الكالفنية )) في الولايات المتحدة الامريكية . وتقدم أعمال ((غوته )) تحليلا للفلسفة الرومانتيكية الالمانية .. أما أعمال (( دوس باسوس )) و ((كوستلر )) فهي بيانات حول تاريخ الشيوعية وانتشارها.
ان تفحص هذه العلاقات تجعل من مؤرخ الادب ، جزئيا في الاقل ، مؤرخا للافكار اضافة الى عمله الاساسي كمؤرخ للادب.
ثانيا : الثقافة
ان كلمة (( الثقافة )) كلمة مناسبة لوصف المؤسسات والعادات والمعايير والقيم والادوار وسواها مما يحدد أنماط أو قوالب الحياة الشعب من الشعوب في زمان محدد وفي مكان محدد . ويتم التعبير عن هذه كلها خلال صناعات و فتون ، ومنها فن ما تنتجه تلك الثقافة من الادب . يترتب على هذه الحقيقة ضرورة قيام المؤرخ بالبحث عن العلاقات بين العمل الفني والثقافة التي انجز فيها ذلك العمل، حتى وان وجد انه يقوم خلال بحثه هذا بدور المؤرخ الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي اضافة الى دوره الاساسي كمؤرخ ادبي . وعلى سبيل المثال، فأن الكثافة السكانية الشديدة التي تركزت في « للندن » خلال القرن الثامن عشر هي التي شجعت على ظهور المقالة الدورية والرواية ، في جين أدى تناثر السكان في بيئات زراعية متباعدة في الغرب الامريكي في أوائل فترة استيطانه الى الاعتماد على المجلات التي تخصصت بنشر القصة القصيرة والقصيدة الوجدانية القصيرة و للعوامل الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية ذاتها نجد ان وتيرة الحياة البطيئة وسهولتها في المجتمعات الزراعية القديمة انتجت الادب القصصي لتمضية الليالي الطويلة قد النار ، كما انتجت الشعر الوصفي ، خاصة مو وصف الطبيعة، والشعر الرومانسي ، في حين وجدت ثقافات المدينة المعاصرة خير تعبير لها في الرمزية المعقدة للشعر الحديث والرواية الحديثة وما يتضمنانه من تحليلات نفسية وأشكال متمازجة.
ثالثا : المؤسسات السياسية والاجتماعية
يتخذ تنظيم السلوك الجماعي اشكالا متعددة كالحزب السياسي وانتخاباته واجتماعاته ومؤتمراته ، والكنيسة وطقوسها و قداساتها ونواديها وارسالياتها ، والمؤسسة العسكرية، والمدرسة والكلية والجامعة ، والاشكال المتعددة الاخرى من الروابط الاجتماعية التي تمتد أوامرها في النوادي الرياضية والالعاب والحدائق العامة ، والروابط الثقافية التي ترتبط ارتباطا وثيقا من المؤسسات الاجتماعية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالثقافة ، فتوفر بهذا قنوات هامة لمصادر الادب وذلك بتقرير انواع التجربة الانسانية واشكالها في زمان ومكان محددين . ان مؤرخ الادب الذي يريد أن يضع رواية الحرب والسلام ! ((تولستوي )) في تاريخه لا يستطيع الاستغناء عن دراسة المؤسسات والاحداث العسكرية الروسية زمن حدوثها ، كما لا يستطيع مؤرخ الادب نشوء الكنيسة ((التوحيدية)) في ((نيو انفلاند )) الامريكية لفهم الاصول الادبية لمقالات (( امرسون )) ، لما لهذه الاصول من علاقة سببية في نشأة تلك الكنيسة . اما الانتقادات المريرة اللاذعة التي كتبها ((جوناثان سوفت )) (مؤلف سفرات غالثر ) فلا يمكن فهمها دون دراسة المؤسسات السياسية في انكلترا وايرلندا خلال القرن الثامن عشر . لهذا فلا مفر لمؤرخ الادب من دراسة تاريخ مؤسسات معينة وما يرافقها من افكار دينية وسياسية وعسكرية وتربوية واجتماعية.
رابعا : التقليد والاسطورة
التقاليد والاساطير هي مجموعة المعتقدات التي يعبر خلالها شعب ما في زمان ومكان محددين عن واقعه . لقد أشرنا فيما سبق للاساطير باعتبارها أحد المصادر الممكنة للعمل الادبي وبقدر ما للاساطير ذاتها من تاريخ فان بامكانها ان تقدم واحدا من أهم مصادر تاريخ الادب لانها تعنى اساسا شأنها شأن الادب نفسه ، بعالم المعرفة . ونظرا لان هذه المعتقدات تشكل صرحا معقدا للخيال العرقي أو الخيال القومي ، فانها تعبر عن نفسها عادة خلال رموز وصور وتنشيء نظام او انظمة الدين او الاساطير أو التقاليد الشعبية ، وتكون لها تواريخها التطورية الخاصة بها . ان السير ((جيمس فریزر)) لم يجمع في كتابه الضخم الغصن الذهبي أهم ما أنتجه الانسان في تاريخه الطويل من أساطير ، وهي ليست الا جزء من كل كبير جدا. ورغم ضبابية هذه المجموعة من التجارب الانسانية وغموضها ، فان الادب ما فتى يستقي منها لاضفاء المعنى على الحياة التي يحاول التعبير عنها . لهذا فان أحدى مهام مؤرخ الادب .. ولعلها المهمة الرئيسة له .. هي أن يحدد ما يظهر في كل عمل أدبي من مظاهر تلك التقاليد والاساطير ويتتبعها الى مصادرها الاصلية ثم يقوم بعد ذلك بربط الإعمال الادبية بعلاقات سببية وتعاقبية مع تواريخ تلك الانظمة المعتقدات من وبعمله هذا فأنه يصبح ، مؤقتا ، مؤرخا لعلم النفس الفردي والجماعي ، وقد يجد منطلقه في انماط يونغ العليا الاساسية ، ولكن بالقدر الذي تسهم فيه تلك (( الانماط العليا )) في العملية التاريخية .
خامسا : السيرة
السيرة ( تاريخ الحياة ) اهم مصادر . انها التجربة الحياتية لمؤلف أو لمجموعة التاريخ الادبي . انها التجر المؤلفين الذين انتجوا أدب أمة ما أو عصرما . وتكون مصادر هذه التجربة عادة على نوعين :
۱ - الاتصال المباشر بالاماكن والاشخاص في الظروف الاعتيادية للحياة الفردية والعائلية والجماعية والقومية التي يعيشها صاحب السيرة
٢ - القراءات والوسائل الاخرى للانفلات من التجربة المباشرة. واستبدالها بتمثيل تجارب الاخرين .
هذان النوعان من مكونات التجربة الحياتية الانسانية مهمان جدا لأنهما يدخلان في العملية الابداعية ويكونان، بالتالي ، من مصادر العمل الادبي .
وبفضل ما أحرزه علم النفس وعلم الاجتماع من تقدم خلال السنوات الماضية ، أصبحت دراسة هذين النوعين من مصادر السيرة أكثر تعقيدا ، لكنها ، في الوقت ذاته اصبحت اکثر مردودا ، فأخذ البحث الادبي يميل نحو تبني العديد من الطرائق الجديدة والتجريبية لسبر أغوار اللاوعي الفردي والجماعي . ويتحتم على مؤرخ الادب أن يعتمد على عالم النفس وعلى الناقد الادبي لتزويده بالبيانات الضرورية للمعالجة التاريخية لهذه العوامل لكن علاقاتها السببية والتعاقبية ينبغي أن تبقى محط اهتمامه الاساسي .
قد يبدو مما تقدم أننا نفترض ان تاريخ الادب ، شأنه شأن الانواع الاخرى من التاريخ، يسير في خط مستقيم وبخطوات متعاقبة عبر الزمن التاريخي . لكن الواقع ليس كذلك . ان التاريخ ((عملية )) تتناول الاحداث وليس مجرد (( سجل)) للحقائق وكل عملية تسير بخطوط منحنية تقتفي أثر دورات الحياة والنمو والانحطاط في الحياة العضوية ، بكل مافيها من تنويعات دائمة في السرعة والكثافة والنوعية والاتجاه . لكن هذا القول لا يعني ان بالامكان تطبيق القياس البايولوجي لدورة الحياة تطبيقا صارما كمقياس علمي على تواريخ وحدات واسعة من التجربة الانسانية كالثقافات والمؤسسات والشعوب ، ذلك لان هذه الوحدات ليس لها ، بحد ذاتها ، وجود بايولوجي مستقل لقد كانت هذه النظرة احدى مغالطات فلاسفة التاريخ في القرن التاسع عشــــر من أمثـــــال ( سبنسر ) و (مارکس) و (شبنغلر ) الذين تأثروا بشكل مباشر بالدارونية والاشكال الاخرى لنظرية النشوء والارتقاء . لقد خلقت تلك المغالطة مطامع عرقية وقومية أدت الى الكوارث لانها تأسست على منطق خاطىء يقول بحتمية حدوث كل دورة من دورات الحياة لكن اتخاذ موقف معاكس تماما لهذا الموقف ، وانكار كل انواع القياس والتناظر بين العملية البايولوجية والعملية الادبية يعني انكار امكانية النظر الى الادب في بعده التاريخي ، وبالتالي ، الحط من قدر العمل الادبي وتحويله الى وجود راكد لا مسبب له . وهذه نظرة خاطئة لاتقل خطورة عن النظرة الاولى .
ان التغيرات في الانواع و الوتيرة والأذواق التي تحصل في الادب تكون على درجة من الارتباط الواضح بتغيرات مماثلة في المجتمع الذي يكون الادب تعبيرا عنــ بحيث أننا غالبا ما نجد مؤرخي الادب يطلقون أسماء أدبية على الفترات والحركات والجماعات التي يتعاملون معها ، وهكذا نتحدث عن فترة (( التنوير )) وفترة ((اعادة الملكية)) وفترة ((الاستكشاف)) ، ونطلق اسماء الحكام أو الملوك أمثال ((بيركليس)) و ((اوغسطين)) و ((لويس الرابع عشـر)) و ((فكتوريا)) على ركات أدبية بأكملها ، ونستعمل كلمات مثل |((التطهيرية)) و ((العقلانية )) و ((التقدمية )) وكأنها كلمات تصف أنواعا من الادب ، كما نحرك كلمات مثل (( المثالية )) و (( الطبيعية )) و (( الرومانسية )) يحتمه نقل الكلمة أو المصطلح من سياق الى آخر .
ومهما تكن عليه مصطلحات مؤرخ الادب من وارتباك وقلة في الكفاءة ، فان وجود تركيز كبير من النتاج الادبي في فترة زمنية واحدة أو فترات متقاربة في والمكان الجغرافي يساعده كثيرا كظاهرة يجب أن تنال عنايته . لقد اوضح (( ماتیسن)) أن السنوات الخمس بين ۱۸٥٠ و ۱۸٥٥ في منطقة ((بوسطن )) في الولايات المتحددة الامريكية قد شهدت ظهور أكثر من ست من روائع الأدب الأمريكي خلال القرن التاسع عشر ، وان ثمة تشابها كبيرا بين أكثر هذه الروائع. لدينا في السنوات الخمس هذه اذن قمة لحركة أدبية أو فترة نضوج كامل لدورة من دورات الحياة تميزت بالرومانسية . وبالامكان كذلك الاشارة الى قمة بلغتها حركة الكلاسيكية الجديدة في انكلترا في منتصف القرن الثامن عشر . ولن يجد مؤرخو الاداب الأخرى أية صعوبة تحديد العديد من هذه التركيزات او القمم ، كما أنهم مي لن يجدوا صعوبة في عزل فترات العقم أو الجدب بين فترات الخصب أو الرخاء تلك . ان مؤرخ الادب ، عند تعرضه للمشاكل التاريخية المرتبطة بأمثال تلك الذرى والوديان الانجازات الادبية ، قد يطلب من الناقد الادبي ان يحدد ويصف ويقوم له الاعمال الادبية والمؤلفين المعنيين ، لكن ايجاد العلاقات بين تلك الاعمال الادبية ذاتها ، وبينها وبين البيئة التي انتجتها ، وبينها وبين الاحداث السابقة ، أدبية وغير أدبية ، ايجاد العلاقات هذه تظل وظيفة مؤرخ الادب الخاصة.
لهذا فان الهيكل الاساسي لتاريخ الادب يكمن في نشوء الحركات الادبية وتدهورها ، محددة زمنيا بـ (( فترات)) ليس من الضروري أن تكون مؤشرة بتواريخ محددة بشكل صارم ، بل قد تكون متزامنة أو متداخلة مع بعضها البعض . وتتألف هذه الفترات من مجموعة الاعمال الادبية ومن مؤلفيها ومن المزاجية والافكار السائدة في ذلك الزمان والمكان . ان على مؤرخ الادب أن يتتبع وأن يحاول تحديد اسباب نشوء تلك الحركات وأسباب تدهورها ، وتكمن أدلته غالبا في تغيرات اللغة والاشكال والانواع الادبية والفترات والحركات وفي ادوات الانتاج الادبي ووسائل نشره و توزیعه . وخالها يتم تعقب حركة ما من بوادر ظهورها حتى بلوغها قمة التركيز ثم بداية تدهورها ، فان معالم دورة ادبية تصبح واضحة ويكون بالامكان تقصي مسبباتها العميقة في الافكار والاوضاع الاجتماعية والعوامل الزمانية والمكانية الاخرى. وهذه بعض العوامل التي تصوغ الدورات الادبية : -
أولا : اللغة والشكل
رغم ان عملية الخلق الادبي هي دائما العملية ذاتها الا ان مصطلح التعبير عنها مع تغير الاذواق في عصرما أو مكان ما . أن اللغة تعكس نوعية حضارة الشعب الناطق بها والمرحلة التي وصلتها تلك الحضارة . ومع أن تاريخ اللغة الدراسة ، الا أنه يمثل ، كما أسلفنا ، حقلا منفصلا من الدراسة ، الا انه حقل مرتبط ارتباطا وثيقا بالتاريخ الادبي ، وكذلك الحال مع الجوانب الاكثر تعقيدا للاشكال الادبية (وهي امتداد للاشكال الرمزية للغة) فانها أساسا مسائل نظرية الفن لا التاريخ ولهذا السبب فانها من اختصاص الناقد الادبي أو المنظر الفني. لكن اللغة والاشكال الادبية لشعب ما تتغير مع الظروف، وهذه التغييرات تقع ضمن حقل عمل مؤرخ الادب . ان لكل شكل من الاشكال أو الانواع الرئيسة للأدب من شعر ورواية ومسرحية ونثر نقدي تاریخا خاصا به قد تقيده حدود زمانية ومكانية وقد يتسامى فوقها . وقد تدرس الاشكال أو الانماط الادبية الثانوية مثل القصيدة الغنائية والقصيدة القصصية وا الملحمة والقصة القصيرة والمسرحية ذات الفصل الواحد والمقالة وغيرها من الانماط الادبية في ضوء نشوئها وتدهورها ، أو في ضوء مميزات تاريخية أخرى . ففي تاريخ الادب الانكليزي على سبيل المثال ، كانت فترة الملكة اليزابيث الاولى وفترة اعادة الملكية فترتي القمة أو التركيز للمسرحية ، وكانت بداية القرن التاسع عشر فترة القمة للشعر الرومانسي ، اما الرواية فقد بلغت قمتي التركيز في منتصف القرن الثامن عشر في العصر الفكتوري.
ثانيا : الفترات والحركات
بعكس التاريخ الادبي ، شانه شان العمليات التاريخية الاخرى ، مزاجية كل عصر خلال التغييرات التي تطرأ على مواضع التأكيد او التركيز على المميزات الاساسية للطبيعة البشرية . لهذا فقد يكون عصر ما مرتفع النبرة او منخفضها عاطفيا ، مولعا بالتحليل او بالتركيب فكريا ، انطوائيا او متفتحا ، نشطا او خاملا ومع أن مصطلحات مثل ((رومانتيكية )) و (( كلاسيكية)) و ((كلاسيكية جديدة)) هي تعابير ليست دقيقة ولا مرضية الا انها مفيدة في تحديد طرفي (( بندول )) المزاجية الثقافية والفكرية للانسان . لهذا فان على مؤرخ الادب ان يبحث عن علامات تؤشر الفترات والحركات التي تبدو خاضعة لواحدة أو كثر من هذه المميزات السائدة ، وعليه ، من ثم ، ان يحاول تعقب مصادرها ونشأتها وتدهورها . ومع انه ليس حتميا ان تعكس هذه الحركات حرکات و فترات في الجوانب الاخرى من التجربة الانسانية ، دينية او سياسية او اقتصادية ، فانها غالبا ما تفعل ، وغالبا ماتسير متوازية مع حركات مماثلة في تواريخ الفنون الاخرى . ان اكتشاف الفترات والحركات وتحديدها بدقة سيسمح المؤرخ الادب ان يؤشر الوجوه المختلفة لموضوعه ويتعامل معها من منطلق المسببات والعمليات الدورية وليس من منطلق الخط المستقيم في التاريخ .
ثالثا : الادوات ومسارد الكتب ( الببليوغرافيا )
لا يمكن للادب ان يوجد مالم يكن شعب من الشعوب قد طور وسائل تدريب فنانيه الادبيين وزودهم بوسائل الاتصال مع بعضهم البعض ومع الاخرين . وتدخل هذه الوسائل ضمن الإنجازات الحضارية الاخرى لذلك الشعب . ان مولد الاعمال الادبية ومزاجيتها واشكالها تقررها أو تؤثر فيها عوامل ظرفية مباشرة مما لم ينل في الغالب العناية اللازمة رغم اهميته الكبيرة . ومن هذه العوامل المباشرة المدارس والمسارح والمكتبات العامة والمجلات والناشرون وباعة الكتب وقاعات المحاضرات العامة ووسائل الاعلام و قوانين الطباعة وحقوق المؤلفين ان دراسة هذه العوامل تسمى احيانا (سوسيولوجية الادب ) [ علم اجتماع الادب ] ، وتزوى في مكان ثانوي ، ولكن ليس بالامكان كتابة اي تاريخ ادبي دون تقص دقيق وشامل لكل ما يمكن الكشف عنه من هذه العوامل في أي موقف ادبي .
ان ابرز وجوه دراسة كهذه هي ، بالطبع ، دراسة الكتاب باعتباره كتابا : فمكان انتاج الكتاب وزمانه وظروفه والشكل الذي يظهر فيه ) حروف طباعته ، ورقه ، تجليده ، حجمه ، عدد نسخة ) ، هذه كلها عوامل في تاريخ العمل الادبي يحتويها الكتاب نفسه. ان مجاميع الكتب الموجودة في مكتبة مؤلف معين [ببلوغرافيا او مسرد كتبه الخاصة | تشكل جانبا هاما من جوانب سيرته ، خاصة عندما تحتوى هذه الكتب على تعليقات او ملاحظات هامشية له عليها ، كما ان وجود كتاب او كتب معينة في مكتبته يزودنا بوثائق هامة عن سيرته الثقافية . أما بالنسبة للفترة السابقة لاختراع الطباعة فان المخطوطات التي انتجها المؤلفون او الوراقون تلعب الدور ذاته الذي تلعبه الكتب المطبوعة ، كما ان المخطوطات الحديثة تزودنا ببيانات عن عملية الخلق الادبي في المراحل القديمة .
وأخيرا ، فان من الضروري التمييز بين مؤرخ الادب باحثا ومؤرخ الادب كاتبا . ان مؤرخ الادب يتولى القيام بالمهمتين معا : البحث التاريخي و النقد التاريخي . ففي دوره كباحث تاريخي يكون هدفه جمع وتوثيق البيانات ، ويستخدم في هذا المجال عددا من طرائق الفنان الادبي.
البحث التاريخي
يكون البحث التاريخي عادة بحثا تحليليا وموضوعيا بدرجة نسبية ، انه يحاول اكتشاف الحقيقة حول الاحداث الادبية الماضية واثباتها . وكما يفعل الباحث العلمي ، فان على الباحث الادبي ان يحدد المشكلة ويضع فرضية حلها قبل ان يستطيع الشروع في بحثه . ان التاريخ الادبي المقترح الذي تتوجه ابحاثه ، بشكل نظري في الاقل ، نحوه يتألف من عدد لامحدود من المشاكل وينبغي عزل كل واحدة من هذه المشاكل عن سياقها والتعرض لها منفردة وبشكل مباشر . وقد يبدو العديد من هذه المشاكل تافها او عديم الاهمية مالم يوضع حله في سياقه . وعلى سبيل المثال ، فقد يكون ضروريا اثبات تاریخ میلاد مؤلف مغمور او مكان سكناه خلال فترة زمنية معينة من اجل اثبات احتمال تأثيره في حيوات مؤلفين آخرين ، او دوره في تطور سلسلة الاحداث الادبية. لكن تاريخ الميلاد او الرجل نفسه او حياته كلها قد لا تكون كبيرة الاهمية ، بل قد لا تكون لها اية اهمية ، بالنسبة للناقد الادبي و بشكل عام ، فكلما كان العمل الادبي عظيما او الفنان المنتج له كبيرا ، تكون المشاكل الثانوية او الصغيرة اكثر أهمية للبحث التاريخي .
وحيثما كان ذلك ممكنا ، فان على الباحث التاريخي ان يستخدم الدلائل الاولية وان يعتمد على الوثائق الاصلية فقط : شهادة الميلاد ، سجل المحكمة او الكنيسة ، المخطوطة الاصلية للعمل الأدبي ، اوراق التصحيح اللطباعي رسالة الى صديق ، تقرير صحفي ، او نص العمل الادبي الموثق من قبل ناقد النصوص اما الدلائل الثانوية أو الحقيقة كما ينقلها و يعلق عليها شخص اخر فانها تقبل فقط عندما لاتكون الدلائل الاولية متوفرة ، او عندما تصبح مهمة اعادة اقتفاء الاثر في كل الجهات مهمة غير عملية ومستحيلة . هنا ينبغي افتراض الامانة في الباحثين السابقين ما يمكن مراجعته للتأكد من صحته.
ان الدلائل الادبية على نوعين : خارجية وداخلية ، والدليل الخارجي هو الدليل الذي يستقى من مصادر خارج النص نفسه كالوثائق المتعلقة بحياة المؤلف او ظروف محيطه او بيئته ، او الظروف التي تحكمت في انتاج العمل الأدبي المدروس . اما الدليل الداخلي فهو البيانات المستقاة من العمل الادبي نفسه والكامنة فيه کاستعمال كلمة مؤرخة او الاشارة الى حدث او ارتباط معروف ، او استخدام عبارات معينة او اسلوب مميز في الكتابة الكتابة او نوعية وعدد تواتر مفردات او صور او اشکال محددة . ان الباحث المدقق يحاول ، حيثما وكلما كان ذلك ممكنا ، ان يتحقق من كل دليل ويقارنه بالدلائل الاخرى. وقد يكون من الممكن احيانا ، بل من الضروري ، ان يعاد تركيب الجوانب النفسية في الاقل للحياة مؤلف لانعرف الكثير عن حياته الخاصة ( مثل هو ميروس او شكسبير) من الدلائل الداخلية لكتاباته ومن ثم اعادة استخدام الاستنتاجات التي يتم التوصل اليها في تفسير الاعمال نفسها . ومع ان قدرا كبيرا من المخاطر يكمن في هذا البحث التاريخي الدائري ، الا انه يتعزز الى درجة كبيرة حتى بالقليل من الدلائل الخارجية في النقاط الحرجة خاصة . وبالمقابل ، فان استخدام الدلائل الخارجية لوحدها قد لا يقل خطورة بل وقد يكون مضللا . فعلى سبيل المثال ، قد تؤدي النوايا التي يعبر عنها المؤلف حول عمله او ردود فعل النقاد المعاصرين الى استنتاجات لا صلة او علاقة لها بالعمل المنجز فعلا.
النقد التاريخي
يكون النقد التاريخي عادة نقدا تركيبيا وذاتيا بدرجة او اخرى ، فحالما تجمع البيانات وتنظم حول الاحداث الادبية موضوع البحث ، يتخلى مؤرخ الادب عن ، لكنه دوره كباحث تاريخي ويباشر مهمته كناقد تاريخي ينبغي ان يعلم انه في هذا الدور او هذه الحالة ليس ناقدا ادبيا : أن مهمته هي تقويم البيانات التاريخية وتفسيرها ، اما البيانات الادبية فلا يهمه منها الا ماكان له قيمة تاريخية . ان عليه ان يقبل من الناقد الادبي (الذي قد يكون ، كما أسلفنا ، المؤرخ الادبي نفسه في ذلك الدور ) التقويمات الجمالية للاعمال الادبية موضوع البحث ، ثم ينصرف الى مهمة التفسير: ( كيف ؟) و(لماذا ؟) و (این؟) و (( متى؟)) ثم التفكير بتأليف تلك الاعمال وكتابتها ونشـــــــرها و قراءتها ، وتفسير كيف الظروف المحيطة بانتاجها قد اسهمت في صياغة معانيها وتأثيراتها ، وماهي علاقتها بالاعمال الادبية الاخرى وبمجرى السجل التاريخي باجمعه. ولكي يقوم بهذه المهمة فان عليه ان يضع نظرية جزء من حول ماحدث وحول زمان حدوثه وسببه وكيفيته .
ومن الضروري جدا ان ينظر مؤرخ الادب ارتباطات او علاقات مشكلته بعملية التفاعل العضوية ، وكذلك بالزمن التاريخي : هل كان ( كورني ) جزء من حركة رجعية وكلاسيكية في المسرح الفرنسي ؟ هل اسهم ، وهو (( نيويوركي )) من اصل هولندي في تمرد ( هوثورن ) و ( ایمرسون) ضد صرامة التعاليم الكالفينية ( في منطقة نيو انفلاند )؟ هل اثر التحزب السياسي والتعصب الدينــــي في اعمال ( ديفـــو) و ( سویفت ) و ( فیلدنغ )؟ هل يؤدي الهيكل المالي المعقد في ( برودوي) الى خنق الإبداع في المسرح الامريكي المعاصر ؟ هل كان (دوستويفسكي ) و ( شيللي ) و ( فيون ) يعانون من مرض عصبي معين ؟ هل بالامكان اثبات ان البحث عن البراءة كان الموضوع الرئيس للأدب الأمريكي برمته ؟ واذا كان كذلك ، فهل كان نتيجة ارث للتعاليم الدينية المسيحية أو نتيجة جغرافية أملتها طبيعة القفر والبراري الامريكية الواسعة ؟ هل حدثت حركة نهضة فنية وادبية امريكية ثانية خلال القرن العشرين ؟ وهل كانت هناك حركات موازية في اداب وفنون اوربا ؟ وماذا عن الحركة الرومانتيكية في أداب العالم الغربي باجمعه ؟
وحالما يضع الناقد التاريخي فرضية عمل لكل من هذه المسائل ، فان عليه ان يقوم بتنظيم دلائله حول نظریته ليختبر صحتها بواسطة اختيار الدليل التاريخي الذي هيأه له بحثه التاريخي ، وترتيبه وتغسیره دون تشويه مقصود . وبهذه العملية يصبح الناقد التاريخي الفنان الادبي نفسه ، ويصبح تاريخه الادبي شكلا من اشكال الفن الادبي ، يخضع لاختبارات الحقيقة والامانة والعدالة التي ينبغي ان تذعن لها كل الفنون . ان الانواع المختلفة من الفنون تسمح بدرجات مختلفة من الانصراف عن الحقيقة الحرفية لمصلحة قراءة أعمق وأوسع للحياة مما تستطيع الحقائق المجردة تقديمها. لكن الوهم او التفسير المثير للسخرية شيء والمقالة النقدية الرصينة شيء آخر . ان الناقد التاريخي يمارس نوعا من انواع الكتابة الادبية ، لكنه نوع من أكثر الأنواع الادبية كبحا وتقييدا للخيال . ان علينا ان نميز تمييزا صارما بين كتابة التاريخ بطريقة رومانسية او خيالية وكتابته بطريقة سردية تفسيرية من حيث هدف كل من الطريقتين وصورتها . لكن الطريقتين كلتيهما نوع من انواع الادب اذا احسن اداؤهما . ان وجهة النظر الذاتية ، مهما كانت ضئيلة ، قد تبدو خطرة للباحث التاريخي العلمي ، لكن نتائج البحث لا تكتسب أي معنى الا اذا انتظمت حول ضوابط فنية وحول بصيرة حادة يلتزم بها ويمارسها الفنان .. وهذا الفنان هو مؤرخ الأدب .
Robert E. Spiller, "Literary History", in the Aims and Methods of Scholarship in Modern Languages and Literatures, ed., James Thorpe. (Moder Ianguage Association of America, New York, U.S.A. A.1963).