المقالات



تمثل معارض الكتاب التابعة لدار الشؤون الثقافية العامة في المحافظات الرافد الاكبر والاهم، لوصول المطبوعات خارج العاصمة بغداد. كما انها حلقة تواصل بين الدار وبين الاديب والمثقف هناك، وجاء هذا ضمن منهاجها الشامل في صنع ثقافة عراقية رصينة تتجاوز العقبات التي يفرضها الواقع العراقي.
ان هده المعارض، تشبع حاجة المثقف العراقي، فهي تسعى الى ايصال سلاسل الدار المتنوعة وباسعار زهيدة وطباعة فاخرة تضاهي المطبوعات العربية الى القارئ. والزائر لتلك المعارض يلمس ذلك عن قرب.
ولغرض مد أواصر التعاون الثقافي والعلمي قامت دار الشؤون الثقافية العامة بتنظيم معارض في جميع المحافظات وذلك لغرض ايصال الكتاب العراقي لكافة شرائح المجتمع ووفقاً لهده السياقات بدعوة من جامعة المثنى أفتتح السيد رئيس جامعة المثنى الاستاذ الدكتور حسن عودة الغانمي معرض الدار هناك وقد حضر الافتتاح عدد كبير من أساتذة الجامعة منهم الدكتور صاحب منشد عباس / مساعد رئيس الجامعة للشؤون العلمية والدكتور فيصل محبس الطاهر عميد كلية الزراعة والدكتور رائد طارق الخطيب عميد كلية الهندسة وعدد كبير من الاساتذة والتدريسيين والطلبه من كليات الجامعة.
حيث تم عرض اصدارات الدار المتنوعة بحدود (500) عنوان وبضمنها الدوريات (المورد، الاقلام، الثقافة الاجنبية، التراث الشعبي، آفاق أدبية). والسلاسل (اكاديميون، دراسات، نقد، مسرح، سرد، شعراء، منابع، وفاء....).
هذا وقد أشاد الجميع بتنوع الاصدارات واسعارها المناسبة قياساً لدور النشر والمكتبات الاهلية.
كما اقامت دار الشؤون الثقافية معرضاً شاملاً في محافظة بابل بمناسبة انعقاد الدورة الثانية لمهرجان بابل للثقافات والفنون العالمية وبناءً على الدعوة الموجهة من اللجنة المنظمة للمهرجان وعلى ارض مركز الفعاليات في مدينة بابل الأثرية افتتح المعرض من قبل الأستاذ الدكتور علي الشلاه عضو مجلس النواب رئيس اللجنة الثقافية في مجلس النواب. وحضر الأفتتاح عدد كبير من الشخصيات الثقافية والسياسية وجانب من الجاليات الأجنبية المشاركة والحاضرة في المهرجان وتخلل المهرجان العديد من الفعاليات اليومية والتي شملت مقاهي ثقافية وتوقيع عدد من الكتب لمؤلفين عراقيين وامسيات شعرية وندوات ثقافية ومعرض للفن التشكيلي. شاركت في المعرض عدد من دور النشر المحلية والعربية منها دار المأمون للترجمة والنشر ودار الصادق ودار ثقافة الأطفال والمركز الثقافي العراقي ودار شمس للطباعة والنشر من مصر. وقد اشاد الدكتور علي الشلاه بكلمة خص بها معرض دار الشؤون الثقافية والدور الذي تبنته الدار في أيصال الكتاب الى كل مكان وبأسعار مناسبة قياساً لأسعار الدور الأخرى متمنياً المزيد من العطاء والتقدم للدار وقد تم عرض اصدارات الدار المتنوعة كالدوريات والسلاسل والكتب الثقافية والأجتماعية وقد لاقت استحسان الجميع.
وبالرغم الظرف غير الطبيعي الذي يمر به عراقنا الحبيب، ومن ضمنه محافظة الانبار. الا ان دار الشؤون الثقافية العامة ومن خلال توجيهات السيد مدير عام الدار الدكتور نوفل أبو رغيف وتأكيداً على جعل (الثقافة... هويتنا) فقد اوعز سيادته ايصال جميع اصدارات الدار لكل الاقضية والنواحي والقصبات اينما وجدت ذلك لابراز الدور المشرف هذه الدار العريقة في عهدها الجديد.
وكان هناك معرضاً للكتاب في قضاء هيت وعلى قاعة البيت الثقافي وهو باكورة إعماله بعد إن تم استحداثه في وقت قريب، افتتحه السيد (محمد عبد الرحمن خلف) مدير البيت الثقافي حيث قص الشريط ثم عزف النشيد الوطني معلنا افتتاح نشاطات المعرض وحضر عدد من اعضاء المجلس المحلي للقضاء وعدد كبير من ادباء ومثقفي وقراء المدينة واستمر المعرض ثمانية أيام وتم تغطيته أعلاميا من قبل بعض الفضائيات من ضمنها العراقية، بغداد، الانبار.
ومن الكتب المعروضه "الرواة العلماء وأثرهم في النقد العربي" لكاتب د. عبد الباقي الخزرجي، "في الخطاب المسرحي"/ (رؤية نقدية في المسرح والمسرح القارئ ومسرح الاطفال) لمؤلف حسب الله يحيى، "جمان القوافي" للشاعر علي الحيدري، "ممرات القلب" للشاعر حسن الخياط، "منامات ابن سيا" للشاعر د. محمد تقي جون، "اوراق لم تعد البيضاء" للقاصة رجاء خضير العبيدي، كتاب مجلة الاقلام "شعرية التجريب" للمؤلف مهند طارق نجم، "اوراق ملونه" للكاتب حسين الصدر، "مسرحية الهارب" ترجمة عماد جاسم حسن، "الاعياد في الاديان السماوية" لمؤلف خالد احمد حسين العيثاوي، "في الطريق الى الاهوار" لكاتب جبار عبد الله الجويبراوي، "مولد جيل النصر والتمكين" لكاتب د. محمد بهجت الحديثي، "نصوص عن بول ريكور العدالة والاعتراف" ترجمة وتحرير جودت جالي، "التدميرية في المسرح المعاصر" للمؤلف أ. د. عقيل مهدي يوسف وغيرها من الاصدارات المنوعة.
>>>>العراق ...الحبيب الغالي , وطننا الذي مهما حدث وحصل , فهو الحضن الدافيء الآمن الذي يؤينا ويضمنا , وبغداد , مدينتنا العظيمة فاتنة الجمال , التي علّمتنا ألف باء الحياة والحب وسحر الانتماء , وظلّت رمزا ً عميقا ً لثقافتنا , وبؤرة مشعة ومثابة لنا , نحن الصاعدين إليها من قرانا توّاقين للسعي في حقولها الغنّاء , وطامحين دائما للسباحة في ضوئها , الذي ضمنا بنسيجه , عارفا ً نبض هواجسنا , حتى صرنا جزءا ً منها , مدينة ً وحلما ً وعطاء ً . لم تكن بغداد يوما ً إلا بستان معرفة وجمال , ولم تفتر , ولم تهدأ حومة ثقافتها حتى في أدق , وأخطر فواصل الخراب , ويا ما حلّت عليها مصائب , فأحرقت ودمّرت , وعانت ويلات ٍ ليس أبشعها تحوّل نهرها الخالد "دجلة" إلى مزيج من حبر ٍ ودم ٍ صنعتها وحشية التتر , وجنون هولاكم , وليست أقلّها بؤسا ً وبشاعة ً التداول السرّي للكتب المنقولة استنساخاً , في أغرب تعاط ٍ للثقافة في تأريخ ثقافات العالم . مع كل ذلك , ظلّت بغداد معافاة بثقافتها , وظلّ مثقفوها مواكبين لمسار العالم المتحوّل سريعا ً , وبطرق مبتكرة ٍ , وتضحية لم تشهد مثيلا ً قدّم فيها المثقف تواصله الثقافي على عيشه و خبز عائلته المهدد دائما . ظلّ الإبداع متميزا ً , متقدّما ً , وأفلت نجوم , وولدت نجوم ٌ أخرى , وانطفأت أجيال ٌ وجاءت أجيال ٌ بديلة , وغادر مبدعون ومثقفون هم من أعلام البلاد , لكن هاجسهم ظل عراقيا , فتواصلوا مع أبنائهم وتلاميذهم وإخوتهم , فتواصل نسغ الإبداع , عطاء ً , متنوّعا ً , عصيّا على كلّ خراب ٍ قد يحاول أعداء الجمال والإنسانيّة أن يبثّوه . إنها بغداد , أيها الأحبة , بغداد بكلّ ثقلها , التي لن يملكها أحد , ولن تستبيحها جهة , ولن تسلّم قيادها لفئة دون أخرى , هي مرتع ألف ليلة وليلة , وأسفار كبار الشعراء والعلماء والفنانين والقصاصين والسياسيين , كتبوا عنها , وزرعوا فيها بذورا ً أنتجت حقولا ً مثمرة ً , لذلك لن تكون حكرا ً لا على نظام سياسيّ , ولا على جهة مالكة , ولا شخص متنفّذ . قالوا بغداد سقطت في نيسان 2003 , وقلنا لن تسقط بغداد مهما تغيّر فيها من أنظمة حكم وقيادات , فهي ليست مؤسسة , ولا دائرة حكومية , ولا كيانا ً مملوكا ً , إنها رؤية وفكرة وتاريخ مشرق , وتواصل حضارات وتجدد ثقافي , وروح أكثر منها مكانا ً . عليه , لا يمكن أن نتّخذ من مدينةمثل بغداد موقفا ً سلبيّا ً , فهي فوق كلّ هذه الاعتبارات , ولنحتفل بها جميعنا , بوصفها عاصمة للثقافة العربيّة باستحقاق وجدارة , والذي لا يريد الاحتفال الجماعي الرسمي بفعالياتها , ليأت , ويجلس وحده على شاطيء دجلة , يخاطب الأمواج لتروي له تاريخا وحكايات ٍ جديدة ً , صيغت من دم وصبر وأحلام , وليحضن منبع ساعة القشلة , أو لجلس في مقهى حسن عجمي , المعتمة الآن بعد أن غاب جلاّسها , أو ليجلس في مقهى أم كلثوم , ويسمع أغنية " بغداد يا قلعة الأسود ِ ....يا كعبة المجد والخلود " نعم , هي أغنية عذبة صدحت باسم ألق بغداد وليست أنشودة حماس .... ليأت الجميع , ويتجول في شارع المتنبي , أو شارع أبي نوّاس , فلا سلطة عليه وهو يحلم , ولا مصدّ عليه , وهو يلقي قصائده أو أفكاره على جمهور , متمرد , يختاره هو ليتواصل معهم حوارا وتمردا , ولكن في بغداد . لنبارك مدينتنا الغالية الخالدة الرائعة بغداد , وهي تزفّ بجدارة , عاصمة للثقافة العربيّة , أما من يقاطع الحدث , مع كل تقديرنا لموقفه ورأيه إلا أنه لم يتعامل مع حكومة أو سلطة , بل هي فكرة ورؤية وتاريخ وحلم وأمل , لم يجرؤ أحد على تدنيسه مهما فعل , لأن بغداد منذ تأسيسها حتى الساعة , ظلّت بهية , مهما حدث على سطحها , فعمقها أبهى وأجل وأنزه من أن تطاله يد أحد . بغداد التي دخلها الغزاة في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات , هي الآن بكامل أناقتها وزينتها , عاصمة مبهرة للثقافة العربية .بغداد عاصمة الثقافة العربية ...باستحقاق وجدارة
جميل أن يكون الانسان انساناً وهذا ما كان عليه الخفاجي طيلة سنين عمله معنا في دار الشؤون الثقافية، إنسان في عمله وتعامله، ولهذا اصبح مكانه خالياً بعد ان فقدناه أثر إصابته بفشل كلوي عانى منه مؤخراً... نعم توفي الخفاجي، وهكذا ابكانا الموت مرة اخرى على عزيز لن يعوض أبداً، عجيب كيف أن الموت يختار.
مرةً أخرى تُبادر دار الشؤون الثقافية العامة وبالتعاون مع أتحاد الادباء وكتاب بغداد وبرعاية الدكتور نوفل أبو رغيف الى اقامة حفل تأبيني كبير تحت عنوان (ثانيةٌ يجيء الحسين) لرحيل عميد المسرح الشعري الكبير محمد علي الخفاجي وذلك في مقر الدار يوم الثلاثاء الموافق 25 / 12 / 2012. وبحضور نخبة متميزة من اصدقاء الراحل وذويه ومحبيه.
بدأت الجلسة بعزف السلام الجمهوري، ثم قراءة آيٍ من الذكر الحكيم، وبعدها قرأ الجميع وقوفاٌ سورة الفاتحة على روحة الفقيد.
بعدها تحدث مدير الجلسة الشاعر منذر عبد الحر قائلاٌ: (حتى أخر لحظة من حياته كان الخفاجي وفياً ومخلصاً لم يخذله المرض... كان مواضباً حريصاً، شارك بكل عنفوانه في القاء قصائده في مناسبات عديدة، فعندما نقول آفل نجم فهذا حقه... فالصبر والسلوان لذويه ومحبيه، ثم دعا راعي الجلسة الدكتور نوفل ابو رغيف ليتكلم ولكنه أبى إلا أن يكون الخفاجي اول المتكلمين وهكذا كان...
فقد استمعنا جميعاً للشاعر الفقيد عبر الشاشة وهو يقول:
قالوا لي هاجر
تجد... موطن... ومنفى...
وذا وطني
لو كان لي وطن
يسير معي الى المنفى لسرت.
ثم تقدم الدكتور نوفل فقال:
لم أشأ ان يبدأ احدٌ قبل الخفاجي هكذا كنا سابقاً في كل جلسة. وطالما كان يصرح ان أسرته وعشيرته هم الادباء، فلم نشأ ان يكون الحضور غير اهله واحبابه وزملائه في الدار، وقد خسرَ الذين لم يحضروا ليكونوا تحت خيمة الخفاجي...
اتقدم بالتعازي لولديه والفاضلات من عائلته... فأنه معلم كبير... ونخله كربلائية جميله كان طوال عمله في مجلة المورد وآفاق ادبية متواضعاً، راكزاً، مترفعاً على المرض، ضاحكاً، خسرناك وخسرنا حضورك البهي لك الخلود ولنا الحزن والوفاء. ومن هنا أعلن أُطلاق لقب (عميد المسرح الشعري) على الفقيد مع تحمل كامل المسؤولية.
وبعدها القى الاستاذ الدكتور فائز الشرع كلمته فقال (اعزي العراق وليس محبيه واهله فقط... فقد فاجأنا في رحيلهِ وبعدها قرأ بيان اتحاد الادباء وكتاب بغداد حيث قال (يشاطرني المنصفون في وصفي للخفاجي بأنه سهل ممتنع متساهل حد الافراط في التواضع ومكابر في الشعر حد المواجهة في الصراع وابتكار الموقف الجارح أبطنه صمته اكثر من كلامه وتفضح على نيته ثقل اسراره فهو كجبل أبن خفاجه سميّ لقبه).
وبعدها إعتلى المنصة الدكتور فليح الركابي فقال (أن العظيم يولد حين يموت... وهذه ولادة أبدية
سنحتفي بتراثه الخالد، وان لقب عميد المسرح الشعري جاءت في مكانها أعزي العائلة الكريمة والاسرة الثقافية).
أما القاص حميد المختار فقد: (قال هكذا تمضي فجأة... ذات صباح أرتكبت حماقة الموت... عندما حملناك كنت ثقيلاً جداً... استغربت لذلك فجاءني صوت من البرزخ... أنه صوتك بالتأكيد... أنها احلامي ياصديقي).
وعندما صعد المنصة الدكتور اثير محمد شهاب قال: (الخفاجي صوت حقيقي في تفاعله مع كلمه، اذ يمنحها طاقة تعبيرية عالية تسجل أختياره بين قرانه من الشعراء، ولعل النقطة الاخرى التي اود الحديث عنها في تجربة الشاعر محمد علي الخفاجي هي كيفية رؤية الشاعر الى التاريخ، فقد تعامل معه بمنطق المبدع لا بمنطق المؤرخ وهذا يحسب له).
أما الدكتورة منتهى طارق المهناوي قالت: (في مسيرة حياتنا الطويلة تمر امامنا وجوه كثيرة نتواصل معها أو ننقطع عنها فتكون تحت طياة الزمن، ولكن هناك نمطاً من الناس أعطاه الله من فضله، العلم والمعرفة والحكمة والتجربة، وحسن الخلق، لنراهم يفرضون علينا انفسهم بحب ود، هذا هو الحال معك يأبا نؤاس).
أما شهادة القاص شوقي كريم فنقرأ فيها: (ان الخفاجي وهو اول من اعادة المسرح الشعري الى الواجهة في الوطن العربي، وهو رائد المسرح الحسيني فقد أعاد للمسرح هيبته، وهو من أكبر صناع الاحلام، فمن قال أن الخفاجي يموت رحمه الله كان قلب كبير يمشي على الارض، ربما ياصديقي اكون اول الملتحقين بك).
واخيراً تقدم الدكتور نؤاس محمد علي الخفاجي ليتكلم وقد حبس عبرته في صدره حيث قال: (ماذا عساني أن أقول بعد كل الذي قيل فهذا ممكن أن يكون ديوان شعرٍ أخير لمحمد علي الخفاجي، أتقدم بشكري الجزيل الى جميع الاخوة القائمين على هذا الحفل التأبيني الذي تقيمه دار الشؤون الثقافية وفاءاً منها للراحل واحياءً لذكراه فينا واخص بالذكر الدكتور نوفل أبو رغيف الذي لا يمكن أن انسى دموعه الحرّى ساعة تشيع الفقيد، وقبل وفاته بيومين أسمعني والدي قصيدة المح بها الى قرب رحيله عنا وكأنها رسالة لي (إن أشدد عزمك ياولدي فالفراق قد حان).
ولقد ختم الجلسة التأبينية الدكتور نوفل ابو رغيف بأعلانه اطلاق أسم محمد علي الخفاجي على احدى قاعات الدار حباً ووفاءاً، وكذلك أصدار أمر بطبع آخر كتابات الفقيد في دار الشؤون الثقافية.
رحم الله الخفاجي، وشكراً لدار الشؤون الثقافية والقائمين عليها.>>>>